بقيت لحظات
طويلة وأنا واقف في مكاني أحاول أن أختصر في ذهني المعاني العظيمة الجليلة الكثيرة
التي يحملها اسم (الله).. إلى أن كدت أغيب عن بيتي وعن نفسي وعن الكون جميعا..
في تلك
اللحظات المقدسة قلت لنفسي، وأنا ممتلئ همة وعزيمة: أليس من الهمة الدنية يا نفس
أن ترغبي عن صحبة هذا الملك الجليل.. لتبحثي في القمامات والمزابل عن الأصنام
لتطأطئي رأسك لها خاضعة ذليلة.. وتأبى الأصنام إلا أن تذيقك من الهوان ما يذيقه كل
مستبد بكل ضعيف؟
أليس من
الهوان أن تصحبي العجزة وأنت قادرة على صحبة القادر الذي لا يعجزه شيء؟
أليس من الجهل
أن تصحبي الجهلة الممتلئين خرافة وأوهاما وترغبي عن صحبة العليم الذي بيده خزائن
علوم كل شيء؟
أليس من الضعة
أن تصحبي الفقراء الذين لا يملكون شيئا.. حتى أنفسهم لا يملكونها.. وترغبي عن صحبة
الغني المالك لكل شيء.. ابتداء منك وانتهاء بأصغر ذرة في هذا الوجود؟
لكن الكدورة
التي تعودت أن تغير بجحافل جيوشها على مشاعر سعادتي، فتحولها إلى ألم وشقاء.. أبت
إلا أن تزورني في تلك اللحظات الممتلئة بالسعادة:
لقد قالت لي
نفسي، وكأنها تسخر مني: من أنت أيها القزم الحقير، وصحبة الملك الجليل الذي تنقطع
العقول والقلوب دونه؟
من أنت ـ أيها
الممتلئ بالحظوظ الدنية ـ حتى تتخطى رقاب الصديقين الذين سلكوا المفاوز والقفار
وباعوا كل الحظوظ، ليشتروا بذلك نعمة المعرفة بالله، ونعمة المصاحبة له؟