عنه أمه فولدته.. ثم يسير في نمو
تدريجي حتى يبلغ، ويتدرج في النماء حتى يكون شاباً فكهلاً.. ثم يعود إلى طور
الانحدار، فيصير شيخاً، فهرماً، ثم يقضي أجله المقدر له، فيموت، فيتفسخ جسمه،
ويعود تراباً كما بدأ من التراب.
وقد يموت في
أي مرحلة من المراحل السابقة، فينحدر ويعود إلى مثل مرحلة البدء، دون أن يمر في
المراحل المعتادة للأحياء.
وتخضع كل
المراحل لنظام المقادير المحددة في كل شيء، في العناصر، وفي الصفات، وفي الزمان،
وفي درجة الحرارة، وفي سائر ما يلزم لتكوين الحي، وإعداده لأداء وظائفه.
ولهذا، فإن
فكرة التراكم المقررة عندكم فكرة منقوضة، ذلك لأن الأحياء تخضع لنظام المقادير
المحددة سواء في جواهرها وأعراضها، ولا تخضع لفكرة التراكم الكمي.. ومثلها فكرة التطور
السريع المفاجئ، ذلك أن الأحياء تسير وفق نظام البناء المتدرج، لا وفق التطور
السريع المفاجئ.
وفكرة
الارتقاء المقررة عندكم على أنها قانون شامل عام، فكرة لا تصلح لأن تكون مبدأً
عاماً، فعمومها منقوض، وذلك لأن تطور الأحياء ليس حركة ارتقائية دائماً، بل قد تكون
حركة إلى الأدنى أو إلى المساوي.. فالتعميم المدعى في المبدأ تعميم باطل.
ما وصل البوطي
من حديثه إلى هذا الموضوع حتى رأيت وجه ماركس قد تغير تغيرا شديدا، ثم راح يسير
مطأطئا الرأس.. لا أدري لم، ولا أدري أين.