على
ذلك بالأم التي تواجه مرض طفلها الصغير، وقلت في ذلك: إن تلك الأم لا تحتاج في
سعيها وراء شفاء طفلها إلى مشرعين أخلاقيين، وإنما تحتاج إلى طبيب ماهر قادر على وصف
العلاج المناسب.
قال راسل: لقد
كتبت قصة أدبية ذكرت فيها أن السديم الحار دار عبثاً في الفضاء عصوراً لا تعد ولا
تحصى دوراناً ذاتيا، ثمّ نشأت عن هذا الدوران هذه الكائنات المنظمة البديعة، بطريق
المصادفة، وأن اصطداماً كبيراً سيحدث في هذا الكون، يعود به كل شيء إلى سديم، كما
كان أولاً.. أتعرف هذه القصة؟
قال خان: أجل..
قال راسل:
أتدري ما الذي أقصده منها؟
قال خان: أنت
تريد أن تبين من خلالها نشوء الكون وتطوره.. ونشوء الحياة وتطورها.. وأصل الإنسان
ونشأته وتطوره.. ونشوء الديانات والعبادات والطقوس وتطورها.. وأخيراً أنت تشدد على
أن النهاية الحتمية لجميع الأشياء، وأنها الفناء والعدم، ولا أمل لكائن بعدها بشيء..
فالحياة من السديم، وإلى السديم تعود.
قال راسل:
أراك ملما بأفكاري.. ولكني كما تعلم كنت متقلبا كل حين.. فهل تعلم النهايات
الفكرية التي جئت إليك بها لعلك تستطيع أن تقنعني بما يجعلني أعدل عنها؟
قال خان: أجل..
وإلا لما قبلت أن أناقشك وأناظرك، فلا يمكن لمناظر أن يجهل من يناظره.