الأولى: البسيطة الضعيفة المتعارفة عند جلّ الناس؛ أقواها ما كان من قبيل ما أرجفه المشركون أنّ النبي (أرواحنا له الفداء) قُتل في معركة أحد؛ لزعزعة جيش المسلمين.

والثانية: الشديدة الخفيّة الخطيرة التي قلبت موازين التاريخ والإنسانيّة، من قبيل إشاعة الأقانيم في بداية القرن الرابع الميلادي، وإشاعة الإرجاء في عهد الصحابة؛ سيما عهد أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه)، وكذا إشاعة الاعتزال وغير ذلك ممّا سنرى، وفي عصـرنا الحاضر إشاعة الإباحيّة تحت مسمّى فلسفة أو أدب الوجوديّة مثلاً لجون بول سارتر.

وقد عبرنا عنها بالخفيّة؛ لكونها قادرة ـ وبكلّ براعة ـ على استغفال جلّ البشـر مئات بل آلاف السنين..

فما يمزّق الفؤاد أنّ كثيراً من الأفكار تُناقش في سجال المعرفة اليوم على أنّها فلسفة ذات حرمة، مع أنّها لا حرمة لها في المعقول، أو عقيدة محترمة مع أنّها إشاعة عاهرة، أو أدب سام مع أنّه نازل سافل ديّوث، غفلةً عن أنّ الجميع لا يعدو ـ في مبدء أمره ـ مجرّد إشاعة من النوع الخفيّ الخطير..

وعجبٌ للأقلام التي تساجل الوجوديّة مثلاً على أنّها فلسفة أو أدب، غفلةً عن أنّها إشاعة للإباحيّة..؛ زنا، لواط، سحاق، وأخيراً يأس وانتحار، أشاعها سارتر وغيره من ملاحدة الوجوديّة، وسنعرض لهذا لاحقاً.

كما سنعرض في فصل قادم، لبعض الإشاعات الخطيرة في تاريخ الإسلام؛ تلك التي أضحت فيما بعد منظومة أفكار كاملة، أربكت - وبكلّ أسف - جلّ