نام کتاب : الحکمة من بلاء و الموقف المنه نویسنده : الشیخ مقداد الربیعي جلد : 1 صفحه : 6
فهؤلاء استشعروا الحاجة والفقر، واعترفوا برجوع الأمر كلّه لله، وأنّهم ليس لهم ولا لغيرهم من الأمر شيئاً، وهذا هو معنى العودة إليه، وهو منتهى التوحيد.
وقوله تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً([8]) أي ليمتحنهم ويميز بينهم على فريقين، أهل السعادة وأهل الشقاوة، فيأتي سبحانه بالجيل بعد الجيل، والفرد بعد الفرد، فيزيّن لهم ما على وجه الأرض من أمتعة الدنيا الدنيّة التي هي: لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ([9]) ، ثمّ يخلّيهم واختيارهم ليختبرهم بذلك.
هذا مع أنّ كلاً من الفريقين، مستطيع أن يكون من أهل السعادة والنعيم، على ما قضى الله تعالى في قوله تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إلى اللهِ مَتَاباً([10]). وهذا معلوم ضرورة من مذهبنا المرحوم، ناهيك عن النص مقطوع الصدور عن أهل العصمة.
والدافع لتدوين هذه السطور المتواضعة، هو أنّ أكثر الناس يجهلون معاني: الابتلاء، والبلاء، والفتنة، والتمحيص وما جرى مجراها، كما يجهلون الغاية الإلهيّة المترتبة على ذلك؛ إذ الله تعالى - فيما سنرى- يريد أن يرحم عباده في دار النعيم، وينجيهم من نار الجحيم، ولا يتحقق هذا إلاّ بالبلاء والابتلاء..