المبحث الأوّل

أسباب البلاء

يمكن أن نحصر أسباب البلاء - بمعنى الاختبار أو المحن- بالأمور التالية:

الأول: الذنوب. كونها سبباً تكوينياً لنزول المصيبة، والغاية الإضافيّة من البلاء هيهنا، هي العذاب أو العقاب، وكلاهما رحمة، وهي الغاية القصوى، وسيأتي البيان.

الثاني: الاختبار. ليميز الله تعالى الخبيث عن الطيّب، أهل الجنة وأهل النار، والغاية من البلاء هيهنا هي التمحيص؛ لكيلا يكون للناس على الله تعالى حجّة، وهذا عين العدل والرحمة.

الثالث: التطهير والرحمة. ليأت التائب طاهراً من الذنوب يوم الحساب، وهذا عين الرحمة؛ فالغاية من البلاء هنا هي: محو سيئات من تاب وآمن وعمل صالحاً، وهذا عين الفضل والرحمة.

الرابع: رفع الدرجات، ليزيد الله تعالى الذين آمنوا واتقوا درجات، والغاية من نزول البلاء هيهنا هي إفاضة الخير الخاص؛ إذ هي متوقفة على وسائط الفيض عليهم السلام توقّف المعلول على العلّة.

ومن أشرف الأمثلة عليه أنّ الله تعالى - كما ورد في النصّ المعتبر - خيّر الحسين بين النصر والشهادة، ومع أنّ مقامه عند الله تعالى هو هو، في أعلى عليين، بل أعلى من ذلك، على الفرضين، لكن ثمّة خير لا يُفاض عن الله تعالى إلاّ بالشهادة..؛ من ذلك نيل شفاعته المتوقّف على زيارة قبره المقدّس، وغير ذلك من الخير الذي لا تحتمل هذه الوريقات البسط فيه.