نام کتاب : الحکمة من بلاء و الموقف المنه نویسنده : الشیخ مقداد الربیعي جلد : 1 صفحه : 119
الشكر يفتقر إلى شكر
ثم إن هناك حقيقة أخرى غير قابلة ـ أيضاً ـ للترديد، وهي أنّنا في كلّ مرحلة من مراحل الشكر الإلهي ـ إن كان باللسان أو العمل ـ سوف نحتاج إلى شكر جديد لمواهب وعطايا جديدة، ولذلك فلسنا قادرين أن نؤدّي حقّ الشكر، كما نقرأ في مناجاة الشاكرين للإمام زين العابدين علي بن الحسين 8: «كيف لي بتحصيل الشكر وشكري إيّاك يفتقر إلى شكر، فكلّما قلت لك الحمد وجب عليّ لذلك أن أقول لك الحمد»!
والوجه في ذلك يتضح من خلال هاتين المقدمتين:
الأولى: إن الشكر حسنة، وهذا واضح، لذا أمر به تعالى بقوله: وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ ([266])، وهو تعالى لا يأمر إلا بالحسن إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَان([267]).
الثانية: إن شيئاً من خلقه تعالى لا يقدر على شيء مما يقصده من الغاية، و لا يهتدي إلى خير إلا بإقدار الله و هدايته قال تعالى: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ([268])، و قال تعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً([269]). ويتبين بهاتين الآيتين معنى كون الحسنات لله عز اسمه، و هو أن الإنسان لا يملك حسنة إلاّ بتمليك من الله و إيصال منه فالحسنات كلها لله قال تعالى: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللهِ... ([270]) الآية.