وصعدوا لسلامة عقولهم معارج اليقين فصاورا أهل الذكر ومنبع العرفان الذين فرض الله سبحانه رجوع العباد إليهم بقوله : ( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) فالمتمسّكون بهم متمسّكون بحبل الله وهم مهتدون . * الأصل : 12 - « أبو عبد الله الأشعري ، عن بعض أصحابنا ، رفعه عن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) : يا هشام إنّ الله تبارك وتعالى بشّر أهل العقل والفهم في كتابه فقال : ( فبشّر عباد * الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب ) . « يا هشام : إنّ الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول ، ونصر النبيّين بالبيان ودلّهم على ربوبيّته بالأدلة فقال : ( وإلهكم إله واحد لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم * إنّ في خلق السماوات والأرض واختلاف اللّيل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيى به الأرض بعد موتها وبثّ فيها من كلّ دابّة وتصريف الرّياح والسحاب المسخّر بين السماء والأرض ، لآيات لقوم يعقلون ) . « يا هشام قد جعل الله ذلك دليلا على معرفته بأنّ لهم مدبّراً ، فقال : ( وسخّر لكم اللّيل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخّرات بأمره إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) وقال : ( هو الذي خلقكم من تراب ثمّ من نطفة ثمَّ من علقة ثمَّ يخرجكم طفلا ثمَّ لتبلغوا أشدَّكم ثمَّ لتكونوا شيوخاً ومنكم من يتوفّى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمّى ولعلّكم تعقلون ) وقال : ( إنّ في اختلاف اللّيل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيى به الأرض بعد موتها وتصريف الرّياح [ والسحاب المسخّر بين السماء والأرض ] لآيات لقوم يعقلون ) وقال : ( يحيي الأرض بعد موتها ، قد بيّنّا لكم الآيات لعلّكم تعقلون ) وقال : ( وجنّات من أعناب وزرع ونخيل ، صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضّل بعضها على بعض في الاُكل ، إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) وقال : ( ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزّل من السّماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) وقال : ( قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم ألاّ تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ، نحن نرزقكم وإيّاهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلاّ بالحقّ ، ذلكم وصّاكم به لعلّكم تعقلون ) . وقال : ( هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون ) . « يا هشام : ثمَّ وعظ أهل العقل ورغّبهم في الآخرة فقال : ( وما الحياة الدّنيا إلاّ لعب ولهو وللدار الآخرة للذين يتّقون أفلا تعقلون ) .