responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح أصول الكافي نویسنده : مولي محمد صالح المازندراني    جلد : 1  صفحه : 102


كالطير فإنّه يروح جايعاً ويرجع شبعاناً ، ومنها ما في خلقه صنعة عجيبة كالبعوضة فإنها مع صغرها على هيئة الفيل مع زيادة الجناحين تطير بهما .
ومنها ما لا يحتاج إلى بيت بل يبيت حيث كان من الأرض ، ومنها ما يحتاج إليه ويبنيه على شكل عجيب غريب لا يهتدى إليه المهرة من المهندسين كالنحل ; وكلُّ ذلك وغيره ممّا يتعذَّر عدُّه وإحصاؤه دلّ على أنَّ في الوجود موجوداً عالماً حكيماً يفعل ما يشاء كيف يشاء ، وإليه ينتهي الموجودات على تفاوت طبايعهم ومراتبهم التي أرفعها وأعلاها وأشرفها وأسناها المرتبة الانسانيّة ; لأنَّ الإنسان على تفاوت الطبقات في العقل والأدراك خُلق له أكثر هذه الموجودات فبعضها لمأكله ومشربه وسائر منافعه وبعضها يستدلُّ به على وجود صانعه وقدرته وعلمه وحكمته بل لو لم يكن في هذا العالم موجود سواه وتأمّل في مبدء نشؤه وصورته وأعضائه ومنافع قواه الظاهرة والباطنة وفي أحوال نفسه وعقله وعلمه بالمعلومات الكلّية والجزئية وإحاطته بالمدركات العقليّة والحسيّة علم أنّه مخلوق مغلوب مقهورٌ له خالق غالب قاهرٌ مصوّر عليمٌ حكيمٌ ، فإنّه إذا اعتبر مثلا حاله حين كونه نطفة في الرَّحم وصيرورته جنيناً حيث لا تراه عين ولا تناوله يد مع اشتماله على جميع ما فيه قوامه وصلاحه من الأحشاء والجوارح وسائر الأعضاء من العظام واللّحم والشحم والمخّ والعصب والعروق والغضروف وهو محجوب في ظلمات ثلاث ظلمة البطن وظلمة الرَّحم وظلمة المشيمة ولا حيلة له في طلب غذائه ، ولا دفع أذاه ، ولا استجلاب منفعته ، ولا دفع مضرَّته ، وقد جرى إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذو الماء النبات فلا يزال ذلك غذاه حتّى إذا كمل خلقته واستحكم بدنه وقوي أديمه على مباشرة الهواء وبصره على ملاقاة الضياء هاج الطلق ( 1 ) بأُمّه فأزعجه أشدَّ إزعاج واعنفه حتى يولد وإذا ولد صرف ذلك الدم الذي كان يغذوه في الرحم إلى ثديي أُمّه وانقلب الطعم واللّون إلى ضرب آخر من الغذاء وهو أشدُّ موافقة له من الدَّم فيوافيه في وقت حاجة إليه وحين تولد قد تلمظ وحرَّك شفتيه طلباً للغذاء فلا يزال يغتذي باللّبن ما دام رطب البدن دقيق ا لامعاء لين الأعضاء حتّى إذا تحرّك واحتاج إلى غذاء فيه صلابة ليشتدَّ ويقوى بدنه طلعت له الطواحن من الأسنان والأضراس ليمضغ بها الطعام فيلين عليه ويسهل له إساغته ، فلا يزال كذلك حتّى يدرك فإذا أدرك وكان ذكراً طلع الشعر في وجهه فكل ذلك علامة الذّكر وعزَّه الذي يخرج به من حدِّ الصبى وشبه النساء ، وإن كانت أُنثى يبقى وجهها نقيّاً من الشعر ليبقى لها البهجة والنضارة التي تحرِّك الرِّجال لما فيه دوام النسل وبقاؤه ، واعتبر أنّه لو لم يجر إليه ذلك الدَّم وهو الرحم لزوى وجفّ كما يجفُّ النبات إذا فقد الماء ولو لم يزعجه المخاض عند استحكامه لبقي في الرَّحم كالموؤد في الأرض ; وفي


1 - الطلق وجع الولادة والمخاض .

102

نام کتاب : شرح أصول الكافي نویسنده : مولي محمد صالح المازندراني    جلد : 1  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست