عثمان ، إنّ عليّاً اشتكى ، فعاده عثمان من شكايته ; فقال عليّ ( عليه السلام ) : وعائدة تعود لغير وُدّ * تودّ لو انّ ذا دنف يموت فقال عثمان : والله ما أدرى أحياتك أحبّ إلىّ أم موتك ! إن مِتّ هاضنى فقدك ، وإن حييت فتنتنى حياتك ، لا أعدم ما بقيت طاعنا يتّخذك رديئة يلجأ إليها . فقال عليّ ( عليه السلام ) : ما الّذي جعلني دريئة ( 1 ) للطّاعنين العائبين ! إنّما سوء ظنّك بي أحلّني من قلبك هذا المحلّ ، فإن كنت تخاف جانبي فلك عليّ عهد الله وميثاقه أن لا بأس عليك منّي ، ما بلّ بحرٌ صوفةً ، وإنّي لك لراع ، وإنّي عنك لمحام ; ولكن لا ينفعني ذلك عندك . وأمّا قولك : " إنّ فقدي يهيضك " ، فكلاّ إن تهاض لعقدي ، ما بقي لك الوليد ومروان . فقام عثمان فخرج . ( 2 ) [ 529 ] - 39 - وقال أيضاً : روى لزبير بن بكّار أيضاً في كتابه ، عن رجال أسند بعضهم عن بعض ، عن عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : أرسل إلىّ عثمان في الهاجرة ، فتقنّعت بثوبي ، وأتيته ، فدخلت عليه وهو على سريره ، وفي يده قضيب ، وبين يديه مال دَثِر : صُبرتان من ورِق وذهب ، فقال : دونك خذ من هذا حتّى تملأ بطنك فقد أحرقتَني ، فقلت : وصلتْك رحِم ! ان كان هذا المال ورثتَه ، أو إعطاكه معط ، أو اكتسبته من تجارة ; كنتُ أحد رجلين : إمّا آخذ وأشكر ، أو أوفّر وأُجهَد ، وإن كان من مال الله وفيه حقّ المسلمين واليتيم وابن السّبيل ، فوالله مالك أن تعطينيه ولا لي أن آخذه . فقال : أبيتُ والله إلاّ ما أبيتَ . ثمّ قام إلىّ بالقضيب فضربني ، والله ما أردّ يده ، حتى قضى حاجته ، فتقنّعت بثوبي ، ورجعت إلى منزلي ، وقلت : الله بيني وبينك إن كنت أمرتك بمعروف أو نهيت عن منكر ! ( 3 )
1 . يحتمل ان يكون رديئة وكلاهما صحيح . 2 . المصدر 8 : 252 . 3 . المصدر 9 : 16 .