2 - إن من مقتضى التقدير واحترام الآخرين أن تتواضع في الذهاب إليهم وتتعنى في انتظارهم إذا لزم . E / في السكينة وأخلاقية الدفاع المشروع كتب المؤرخون : وخفق الإمام الحسين خفقة بعد ما أعيته الآلام المرهقة ، فاستيقظ ، والتفت إلى أصحابه وأهل بيته فقال لهم : " أتعلمون ما رأيت في منامي ؟ " . قيل : ما رأيت يا ابن رسول الله ؟ قال : " رأيت كأن كلابا قد شدت علي تناشبني وفيها كلب أبقع أشدها علي ، وأظن الذي يتولى قتلي رجل أبرص من هؤلاء القوم . . . ثم اني رأيت جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومعه جماعة من أصحابه ، وهو يقول لي : يا بني أنت شهيد آل محمد ، وقد استبشرت بك أهل السماوات وأهل الصفيح الأعلى ، فليكن إفطارك عندي الليلة ، عجل ولا تؤخر . هذا ما رأيت وقد أزف الأمر واقترب الرحيل من هذه الدنيا " . وخيم على أهل بيته وأصحابه حزن عميق ، وأيقنوا بنزول الرزء القاصم واقتراب الرحيل عن هذه الحياة ( 1 ) . وكان ( عليه السلام ) جالسا يصلح سيفه وهو ينعى نفسه قائلا : يا دهر أف لك من خليل * كم لك بالإشراق والأصيل من صاحب وطالب قتيل * والدهر لا يقنع بالبديل وإنما الأمر إلى الجليل * وكل حي سالك سبيل إن هذه الحالة من السكينة لقضاء الله والقبول لأمره تعالى ثم إعلانها للأصحاب نابعة عن الأخلاق العظيمة التي حوتها روح الإمام ( عليه السلام ) ومن ذات الروح صدرت أخلاقه ( عليه السلام ) حينما أبت رحمته وشفقته على أعدائه إلا أن يقوم باسداء النصيحة الأخيرة لهم ، حتى يستبين لهم الحق ، ولا يدعي أحد منهم أنه كان على غير بينة من أمره ، فانطلق نحوهم ،
1 - حياة الإمام الحسين ( عليه السلام ) / ج 3 ص 177 .