عله استطاع إنقاذهم من الضلالة إلى الهداية . ذكر التأريخ انه ( عليه السلام ) لما انتهى موكبه إلى منطقة " البيضة " ألقى خطابا على الحر وأصحابه ، وقد أدلى بدوافعه في الثورة على يزيد ، ودعا القوم إلى نصرته وقد قال بعد حمد الله والثناء عليه : " أيها الناس إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرام الله ، ناكثا لعهد الله ، مخالفا لسنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، فلم يغير ما عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله . ألا ان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد ، وعطلوا الحدود ، واستأثروا بالفئ ، وأحلوا حرام الله ، وحرموا حلاله ، وأنا أحق ممن غير ، وقد أتتني كتبكم ، وقدمت علي رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني ، فإن أقمتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم ، وأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم ، ولكم في أسوة ، وان لم تفعلوا ونقضتم عهدكم ، وخلعتم بيعتي فلعمري ما هي لكم بنكر ، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم ، فالمغرور من اغتر بكم ، فحظكم أخطأتم ، ونصيبكم ضيعتم ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ، وسيغني الله عنكم والسلام " ( 1 ) . وإن دل هذا الإصرار من أبي عبد الله ( عليه السلام ) على هداية أعدائه فإنما يدل على حبه للإنسان ، وعدم رغبته في أن يقع بجهله في عذاب النار ، وهذا الحب من رفيع الأخلاق جدا . * الدروس المستفادة هنا : 1 - مهما كان عدوك متزمتا صلفا سجل عليه المواقف المشرفة أخلاقيا بالحجج الدامغة لتسلب منه كل الذرائع الباطلة . 2 - قل كلمتك الحسنة ، واترك للتاريخ أن يحكم لك بالعدل . 3 - خلق الانسان من أجل السعادة في الجنة ، وأنت حاول هداية من استطعت من المنحرفين عن هذا الهدف ، وإياك أن تساهم في العكس منه .