الجاهلية العشائرية ليفصل بينهم وبين الحسين ( عليه السلام ) إلا أن هؤلاء الصفوة من المؤمنين أعرضوا عن الشمر ولم يكلموه . وهنا يظهر الخلق الحسيني على المسرح ، ليعطي الفرصة لعدوه كيما يقول ما يريد ، فقال ( عليه السلام ) للعباس وإخوته : " أجيبوه ولو كان فاسقا " . فقالوا لشمر : ما شأنك وما تريد ؟ قال : يا بني أختي أنتم آمنون ، لا تقتلوا أنفسكم مع الحسين ، والزموا طاعة . . . يزيد ! فقال العباس - وهو الذي تعلم الإباء والوفاء من إمامة وأخيه الحسين ( عليه السلام ) : لعنك الله ولعن أمانك ، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له ! وتأمرنا أن ندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء ؟ ! ( 1 ) أنظر أخي القارئ : كيف يعطي الحسين ( عليه السلام ) الاستقلالية وحرية اتخاذ القرار للعباس واخوته ، وهؤلاء بدورهم كيف يردوا على الشمر الفاسق بأخلاق الولاية للحق والبراءة من الباطل ، ولا مجاملة على حساب القيم . فهذا الأسلوب الحسيني وما فعله أخوه العباس تطبيق لحكمة الحزم مع اللين . وهذا مبدأ أخلاقي رصين قد تعلمه الحسين والعباس من أبيهما أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) عندما كان يواجه مكر معاوية وخديعته ويتنفس الصعداء ويقول " وا ويلاه ! يمكرون بي ويعلمون أني بمكرهم عالم ، وأعرف منهم بوجوه المكر ولكن أعلم ان المكر والخديعة في النار ، فأصبر على مكرهم ولا أرتكب مثل ما ارتكبوا " ( 2 ) . * الدروس المستفادة هنا : 1 - احترام استقلالية الفرد المعتدل في اتخاذ قراراته . 2 - إذا كنت واثقا في تربيتك للفرد فلا تخف عليه أن تبعثه لمحاورة العدو . E / في حب الهداية للعدو لم يترك الإمام ( عليه السلام ) المغفلين ممن جاؤوا لمحاربته ، فقد انتهز كل فرصة لموعظتهم ،
1 - تذكرة خواص الأمة : ص 142 ، ومثير الأحزان / لابن نما : 28 . 2 - جامع السعادات : ج 1 ص 239 .