فقال ( عليه السلام ) لهم : " يا قوم اني في غد أقتل وتقتلون كلكم معي ولا يبقى منكم واحد " . فقالوا : الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك وشرفنا بالقتل معك ، أو لا ترضى أن نكون معك في درجتك يا ابن رسول الله ؟ ! فقال ( عليه السلام ) : " جزاكم الله خيرا " ، ودعا لهم بخير . فقال له القاسم بن الحسن ( عليه السلام ) - ولم يتجاوز عمره الثالث عشر - : وأنا فيمن يقتل ؟ فأشفق عليه فقال له " يا بني كيف الموت عندك ؟ " . قال : يا عم أحلى من العسل . فقال ( عليه السلام ) : " أي والله فداك عمك انك لاحد من يقتل من الرجال معي بعد أن تبلى ببلاء عظيم وابني عبد الله " . فقال : يا عم ويصلون إلى النساء حتى يقتل عبد الله وهو رضيع ؟ فقال ( عليه السلام ) : " فداك عمك يقتل عبد الله إذ جفت روحي عطشا وصرت إلى خيمنا فطلبت ماء ولبنا فلا أجد قط فأقول : ناولوني ابني لأشرب من فيه ، فيأتوني به فيضعونه على يدي فأحمله لأدنيه من في فيرميه فاسق بسهم فينحره وهو يناغي فيفيض دمه في كفي ، فأرفعه إلى السماء وأقول : اللهم صبرا واحتسابا فيك ، فتعجلني الأسنة منهم والنار تستعر في الخندق الذي في ظهر الخيم ، فأكر عليهم في أمر أوقات في الدنيا ، فيكون ما يريد الله " . فبكى وبكينا ، وارتفع البكاء والصراخ من ذراري رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الخيم . هكذا يخبر الإمام سبط الرسول ( صلى الله عليه وآله ) عما علم من الغيب بإذن الله ليكمل فصول الواقعة بكل زواياها الشرعية والأخلاقية والانسانية وما يتعلق بحقوق الناس واعطائهم فرصة اتخاذ القرار الحر ، لهذه الأخلاقيات التي وجدوها في الحسين ( عليه السلام ) تراهم قد أحبوه وتضامنوا معه حتى اعتنقوا الموت الشريف ببسالة أدهشت تاريخ البشرية وفخرت بها أهل السماء وشرفاء الأرض . * الدروس المستفادة هنا : 1 - تعلم أن تأخذ الإجابات الصحيحة من السائل نفسه ، وذلك بإعادة سؤاله إليه عبر أسلوب آخر .