وانه حدثنا انه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم وهانئ ورآهما يجران في السوق بأرجلهما . كان - هذا - النبأ المؤلم كالصاعقة على العلويين ، فانفجروا بالبكاء على فقيدهم العظيم حتى ارتج الموضع بالبكاء وسالت الدموع كل مسيل ، واستبان للإمام غدر أهل الكوفة ، وأيقن انه مع الصفوة من أهل بيته وأصحابه سيلاقون نفس المصير الذي لاقاه مسلم ، وانبرى إلى الإمام بعض أصحابه فقال : ننشدك الله إلا رجعت من مكانك فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوف أن يكونوا عليك . والتفت الإمام إلى بني عقيل فقال لهم : " ما ترون فقد قتل مسلم ؟ " . ووثبت الفتية وهي تعلن استهانتها بالموت قائلين : لا والله لا نرجع حتى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق مسلم . وراح الإمام يقول بمقالتهم : " لا خير في العيش بعد هؤلاء " . وقال ( عليه السلام ) متمثلا : سأمضي وما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما وواسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مذموما وخالف مجرما أقدم نفسي لا أريد بقائها * لنلقى خميسا في الهياج عرمرما ( 1 ) فان مت لم أندم وان عشت لم ألم * كفى بك عارا أن تذل وترغما لقد مضى الإمام قدما ، وهو مرفوع الجبين ، وقد أيقن انه يسير إلى الفتح الذي ليس مثله فتح ، لقد مضى ليؤدي رسالة الله بأمانة وإخلاص كما أداها جده الرسول ( صلى الله عليه وآله ) من قبل ( 2 ) . انظر إليه ( روحي فداه ) كم هو صريح ، صابر ، سهل ، مسامح ، وشجاع . هذه صفاته الأخلاقية التي ميزته عن القادة الذين ليسوا كذلك . * الدروس المستفادة هنا : 1 - محاولة الكشف عن آخر الأنباء والتطورات المحيطة بشؤونك .
1 - هذان البيتان - واسى ، وأقدم - نقلا عن أعلام الورى / ص 230 2 - حياة الإمام الحسين ( عليه السلام ) / ج 3 ص 68 .