زهير بن ألقين البجلي ، وكان عثماني الهوى ، وقد حج بيت الله في تلك السنة ، وكان يساير الإمام في طريقه ، ولا يحب أن ينزل معه مخافة الاجتماع به إلا أنه اضطر إلى النزول قريبا منه ، فبعث إليه الإمام الحسين رسولا يدعوه إليه ، وكان زهير مع جماعته يتناولون طعاما صنع لهم ، فأبلغه الرسول مقالة الحسين فذعر القوم وطرحوا ما في أيديهم من طعام كأن على رؤوسهم الطير ، وأنكرت زوجة زهير عليه ذلك ، وقالت له : " سبحان الله ! ! أيبعث إليك ابن بنت رسول الله ثم لا تأتيه ؟ ! لو أتيته فسمعت كلامه ! ! " وانطلق زهير على كره منه إلى الإمام فلم يلبث أن عاد مسرعا وقد تهلل وجهه وامتلأ غبطة وسرورا ، ثم أمر بفسطاطه وما كان عنده من ثقل ومتاع فحوله إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) وقال لزوجته : " أنت طالق " ! فأمر غلامه أن يوصلها إلى مأمنها كيلا تتضرر من جهاده في ركاب الحسين . ماذا أسر إليه ريحانة رسول الله حتى جعله يتغير هذا التغيير ؟ هل وعده بمال أو مغنم ؟ ولو وعده بذلك لما طلق زوجته ، ولا ودع أصحابه الوداع الأخير . . . نعم لقد بشره بالشهادة والفوز بالجنة ، وذكره بحديث طالت عليه الأيام فنساه . . . وقد حدث به أصحابه قائلا : " سأحدثكم حديثا ، غزونا ( بلنجر ) ففتح الله علينا ، وأصبنا غنائم ففرحنا ، وكان معنا سلمان الفارسي ، فقال لنا : أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم ؟ فقلنا : نعم . فقال إذا أدركتم سيد شباب آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) فكونوا أشد فرحا بقتالكم معه مما أصبتم اليوم من الغنائم " . وروى إبراهيم بن سعيد وكان قد صحب زهيرا حينما مضى إلى الإمام أنه ( عليه السلام ) قال له - يعني زهير - : انه يقتل في كربلاء ، وان رأسه الشريف يحمله زجر بن قيس إلى يزيد يرجو نواله فلا يعطيه شيئا . لقد ساعد التوفيق زهيرا فالتحق بموكب العترة الطاهرة ، وصار من أصلب المدافعين