E / في العطف حتى على العدو هل رأيت أو قرأت في تاريخ المواجهات المسلحة أن قائدا أمر جنوده بسقاء جنود العدو ، بل ويباشر بنفسه في إرواء جندي من عدوه كان يوشك أن يموت عطشا ؟ ! الحسين القائد الأخلاقي الفذ قد فعل ذلك ، في الوقت الذي فعل عدوه عكس هذه الأخلاق العظيمة تماما . والآن تأمل في كلمات التأريخ : إنتهى موكب الإمام ( عليه السلام ) إلى - منطقة - شراف ، وفيها عين للماء فأمر الإمام فتيانه أن يستقوا من الماء ، ويكثروا منه ، ففعلوا ذلك ، ثم سارت القافلة تطوي البيداء ، وبادر بعض أصحاب الإمام فكبر ، فاستغرب الإمام وقال له : لم كبرت ؟ قال : رأيت النخل . وأنكر عليه رجل من أصحاب الإمام ممن يعرف الطريق فقال له : ليس هاهنا نخل ، ولكنها أسنة الرماح وآذان الخيل . وتأملها الإمام فطفق يقول : وأنا أرى ذلك ، وعرف الإمام انها طلائع جيش العدو جاءت لمناهضته ، فقال لأصحابه : " أما لنا ملجأ نلجأ إليه ، نجعله في ظهورنا ، ونستقبل القوم من وجه واحد ؟ " . وكان بعض أصحابه ممن يعرف المنطقة فقال له : بلى هذا ذو حسم إلى جنبك ، تميل إليه عن يسارك ، فان سبقت إليه فهو كما تريد . ومال موكب الإمام إليه إلا أنه لم يبعد كثيرا حتى أدركه جيش مكثف بقيادة الحر بن يزيد الرياحي ، كان ابن زياد قد عهد إليه أن يجوب في الصحراء للتفتيش عن الإمام ( عليه السلام ) ، والقاء القبض عليه وكان عدد الجيش زهاء ألف فارس ، ووقفوا قبال الإمام في وقت الظهيرة ، وكان الوقت شديد الحر ، ورآهم الإمام وقد أشرفوا على الهلاك من شدة الظمأ ، فرق عليهم ، وغض نظره من أنهم جاؤوا لقتاله وسفك دمه ، فأمر أصحابه أن يسقوهم ، ويرشفوا خيولهم ، وقام أصحاب الإمام فسقوا الجيش ثم انعطفوا إلى الخيل فجعلوا يملأون القصاص والطساس فإذا عب فيها ثلاثا أو أربعا أو خمسا عزلت وسقي الآخر حتى سقوا الخيل عن آخرها . لقد كان الإمام ( عليه السلام ) على استعداد كامل في سفره ، فقد كانت