وإن كانت الافعال يوما لأهلها * كمالا فحسن الخلق أبهى وأكمل ( 1 ) أنظر إلى معاني هذه الأبيات الشعرية التي تبين الروح الأخلاقية عند الحسين ( عليه السلام ) و استقامته المتفانية في حب الله ، فالروح عنده هي : ترجيح ثواب الله على ملذات الدنيا أولا . وترجيح الشهادة في سبيله على الموت الذليل ثانيا . هنا قد عالج الحسين ( عليه السلام ) للبشرية مصدر تصدعاتها كلها لو كانت تلتزم بهذا الطبيب . * الدروس المستفادة هنا : 1 - من معطيات روح الاعتقاد بالآخرة عدم الحرص على الدنيا ، وأن تعلم بأن أكثر المشاكل في حياة البشر تعود جذوره إلى صفة الحرص في جمع المال والبخل في إنفاقه . 2 - النظرة الصحيحة إلى الحياة والموت والرزق والمال تجعل الإنسان سعيدا في كل الأحوال . E / في الصبر وبيان الظلامة متى تصبر على الظلم ومتى تصبر على صعوبات الجهاد لدفع الظلم ؟ الحسين ( عليه السلام ) يوضح الجواب على هذا السؤال الهام : كتب المؤرخون . . إنه لما انتهى إلى منطقة ذات عرق إذ خف إليه أبو هرة - وكان من أهل الدنيا - فقال له : يا ابن رسول الله ما الذي أخرجك عن حرم الله ، وحرم جدك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ وتأثر الإمام - من جهل الرجل عن الحقائق المؤلمة المحيطة بالأمة - فقال له : " ويحك يا أبا هرة إن بني أمية أخذوا مالي فصبرت ، وشتموا عرضي فصبرت ، وطلبوا دمي فهربت ، وأيم الله لتقتلني الفئة الباغية ، وليلبسهم الله ذلا شاملا ، وسيفا قاطعا ، وليسلطن عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قوم سبأ ، إذ ملكتهم امرأة منهم ، فحكمت في أموالهم ودمائهم حتى أذلتهم " . وانصرف الإمام ، وهو ملتاع حزين من هؤلاء الناس الذين لا يملكون وعيا لنصرة الحق ، قد آثروا العافية وكرهوا الجهاد في سبيل الله ( 2 ) .
1 - كشف الغمة 2 : 28 ، الأنوار البهية : 89 . 2 - حياة الإمام الحسين ( عليه السلام ) / ج 3 ص 64 نقلا عن الدر المسلوك / ج 1 ص 110 .