تنزل البطشة الكبرى ، وأما أنت يا ابن رسول الله فإنك رأس الفخار برسول الله ، فلا تظن يا ابن بنت رسول الله أن الله غافل عما يفعل الظالمون ، وأنا أشهد أن من رغب عن مجاورتك ، وطمع في محاربتك ، ومحاربة نبيك محمد فما له من خلاق . . " . فصدق الإمام الحسين قوله قائلا : " اللهم نعم " . وانطلق ابن عباس يظهر له الاستعداد للقيام بنصرته قائلا : " جعلت فداك يا ابن بنت رسول الله ، كأنك تريدني إلى نفسك ، وتريد مني أن أنصرك ، والله الذي لا إله إلا هو إن لو ضربت بين يديك بسيفي هذا بيدي حتى انخلعا جميعا من كفي لما كنت ممن وفى من حقك عشر العشر ، وها أنا بين يديك مرني بأمرك " . وقطع ابن عمر كلامه ، وأقبل على الحسين فقال له : " مهلا عما قد عزمت عليه ، وارجع من هنا إلى المدينة ، وادخل في صلح القوم ، ولا تغب عن وطنك ، وحرم جدك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا تجعل لهؤلاء الذين لا خلاق لهم على نفسك حجة وسبيلا ، وإن أحببت أن لا تبايع فأنت متروك حتى ترى رأيك ، فان يزيد بن معاوية عسى أن لا يعيش إلا قليلا فيكفيك الله أمره " . وزجره الإمام ، رادا عليه قائلا : " أف لهذا الكلام أبدا ما دامت السماوات والأرض ، أسألك يا عبد الله أنا عندك على خطأ من أمري ؟ فإن كنت على خطأ ردني فأنا أخضع ، وأسمع وأطيع " ! فقال ابن عمر : " اللهم لا ، ولم يكن الله تعالى يجعل ابن بنت رسول الله على خطأ ، وليس مثلك من طهارته وصفوته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على مثل يزيد بن معاوية ، ولكن أخشى أن يضرب وجهك هذا الحسن الجميل بالسيوف ، وترى من هذه الأمة ما لا تحب ، فارجع معنا إلى المدينة ، وإن لم تحب أن تبايع ، فلا تبايع أبدا ، واقعد في منزلك " . والتفت إليه الإمام فأخبره عن خبث الأمويين ، وسوء نواياهم نحوه قائلا : " هيهات يا ابن عمر ان القوم لا يتركوني ، وإن أصابوني وإن لم يصيبوني ، فلا يزالون حتى أبايع وأنا كاره ، أو يقتلوني ، أما تعلم يا عبد الله ان من هوان الدنيا على الله تعالى أنه أتي برأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل . والرأس ينطق بالحجة عليهم ؟ ! ! أما تعلم يا أبا عبد الرحمن إن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع