E / في أدب العطاء وجميل التواضع وفد على الإمام ( عليه السلام ) سائل فقرع الباب وأنشأ يقول : لم يخب اليوم من رجاك ومن * حرك من خلف بابك الحلقة أنت ذو الجود أنت معدنه * أبوك قد كان قاتل الفسقة وكان الإمام - الحسين ( عليه السلام ) - واقفا يصلي فخف من صلاته ، وخرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر الفاقة ، فرجع ونادى بقنبر - خادمه الولائي الوفي - فلما مثل عنده قال له : " ما تبقى من نفقتنا ؟ " قال : مائتا درهم أمرتني بتفرقتها - أي توزيعها - في أهل بيتك . فقال : هاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم ، فأخذها ودفعها إلى الأعرابي معتذرا منه وهو ينشد هذه الأبيات : خذها فاني إليك معتذر * واعلم بأني عليك ذو شفقة لو كان في سيرنا عصا تمد إذن * كانت سمانا عليك مندفقة لكن ريب المنون ذو نكد * والكف منا قليلة النفقة فأخذها الأعرابي شاكرا وداعيا له بالخير ، وانبرى مادحا له : مطهرون نقيات جيوبهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا وأنتم أنتم الأعلون عندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور من لم يكن علويا حين تنسبه * فما له في جميع الناس مفتخر ( 1 ) * الدروس المستفادة هنا : 1 - الإنفاق مع الاعتذار يعني أن المال ليس ملكا خاصا بيد المؤمن بالله المالك لكل شئ ، بل هو عارية بيده لينتفع به من أجل سعادته الدنيوية والأخروية ، بما في ذلك إنفاقه في سبيل الله لنفس الهدف . 2 - النظرة الإلهية إلى المال والإنفاق تلازم التواضع في العطاء للسائل . 3 - إن الصلاة والعبادة الشخصية يجب أن تصب في قنوات الأخلاق الاجتماعية ، وإلا
1 - حياة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ج 1 ص 131 .