المتخلفين عن بيعة أبيه الإمام علي ( عليه السلام ) ، فلم يجازيه بالمثل وإنما أغدق عليه بالإحسان ( 1 ) . وهذه من نبل الخصال الحسنة التي أفلت عن حياة المسلمين الذين يختلفون مع بعضهم في المسائل الفرعية وعلى أتفه الأسباب المضحكة ، وهي تستدعي البكاء بدل الضحك ، بينما الإمام الحسين ( عليه السلام ) وهو مختلف مع أسامة في مسألة من أهم الأصول العقائدية والسياسية قد تقدم لعيادته وتبرع بتسديد دينه ، ويا ليت المختلفين يكونوا دائما شرفاء كالحسين بن علي ( عليه السلام ) لا كما هم يسلكون . * الدروس المستفادة هنا : 1 - ان الخلافات بين المسلمين يجب أن لا تقطع عليهم حبل التواصل الأخلاقي ، فالقيم أرفع من خلافات الرأي حتى في القضايا الدينية . 2 - المال وسيلة للإصلاح وتأليف القلوب وليس هدفا قائما بذاته . 3 - لابد من النظر إلى سوابق الفرد المشرقة والوقوف معه في حل أزمته دون الحساب للخلافات الشخصية . E / في رد التحية بأحسن منها روى أنس قال : كنت عند الحسين فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحان ، فحيته بها ، فقال لها : أنت حرة لوجه الله تعالى . وبهر أنس ، فانصرف يقول : جارية تجيئك بطاقة ريحان ، فتعتقها ؟ ! ! فقال الحسين ( عليه السلام ) : - كذا أدبنا الله ، قال تبارك وتعالى : * ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) * ، وكان أحسن منها عتقها ( 2 ) . وبهذا السخاء والخلق الرفيع كان الحسين ( عليه السلام ) يملك قلوب المسلمين حتى هاموا بحبه وولائه ، إنه الانتصار الحقيقي الكبير حتى ولو كانوا مغلوبين على أمرهم كما يتصوره الطغاة المتجبرون والذين لا يفقهون القيم وخلودها .
1 - حياة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ج 1 ص 129 نقلا عن أعيان الشيعة ج 4 ص 104 . 2 - حياة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ج 1 ص 129 نقلا عن الفصول المهمة لابن الصباغ ص 184 .