وما افترض عليك من حقّنا ولا يزال يقدم علينا من ينوء [1] بعزك ويبطش بسلطانك فيحصدنا حصد السنبل ويدوسنا دوس البقر ويسومنا [2] الخسيسة ويسلبنا الجليلة ، هذا بسر بن أرطأة ، قدم علينا من قبلك فقتل رجالي وأخذ مالي يقول لي فوهي بما استعصم الله منه وألجأ اليه فيه ، ولو لا الطاعة لكان فينا عزٌّ ومنعةٌ ، فإمّا عزلته عنّا فشكرناك وأمّا لا فعرفناك . فقال معاوية : أتهدديني بقومك ؟ لقد هممت أن أحملك على قتب [3] أشرس فأردّك إليه ينفذ فيك حكمه ، فأطرقت تبكي ، ثم أنشأت تقول : < شعر > صلّى الإله على جسم تضمّنه * قبر فأصبح فيه العدل مدفوناً قد حالف الحق لا يبغي به بدلا * فصار بالحق والايمان مقروناً < / شعر > قال لها : ومن ذلك ؟ . قالت : علي بن أبي طالب . قال : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك ؟ . قالت : قدمت عليه في رجل ولاّه صدقتنا قدم علينا من قبله ، فكان بيني وبينه ما بين الغث والسمين ، فأتيت علياً لأشكو إليه ما صنع فوجدته قائماً يصلي ، فلمّا نظر إليّ انفتل [4] من صلاته ، ثم قال لي برأفة وتعطف : ألك حاجة ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ، ثم قال : اللّهم إنك أنت الشاهد عليّ وعليهم ، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك ، ثم اخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجواب فكتب
[1] ينوء : أي ينهض . [2] يسومنا : أي يكلفنا . [3] قتب : أي رحل . [4] انفتل : أي انصرف .