أبو الحسن ، وقوله : لا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر ، فقد عرفت بهذا الوجه أيضاً انتهاء الفقه اليه . وقد روت العامة والخاصة قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أقضاكم علي ، والقضاء هو الفقه فهو اذاً أفقههم ، وروى الكل أيضاً انه عليه السّلام قال له وقد بعثه إلى اليمن قاضياً : اللّهم اهد قلبه وثبت لسانه ، قال : فما شككت بعدها في قضاء بين اثنين ، وهو الذي أفتى في المرأة التي وضعت لستة أشهر ، وهو الذي أفتى في الحامل الزانية ، وهو الذي قال في المسألة المنبرية صار ثمنها تسعاً ، وهذه المسألة لو فكر الفرضي فيها فكراً طويلا لاستحسن منه بعد طول النظر هذا الجواب ، فما ظنك بمن قال بديهة واقتضبه ارتجالا " [1] . روى ابن عساكر باسناده عن رقبة بن مصقلة العبدي عن أبيه عن جده قال : " أتى رجلان عمر بن الخطاب في ولايته يسألانه عن طلاق الأمة ، فقام معتمداً بشيء بينهما حتى أتى حلقة في المسجد وفيها رجل أصلع فوقف عليه ، فقال : يا أصلع ، ما قولك في طلاق الأمة ؟ فرفع رأسه اليه ثم أومئ اليه بإصبعيه ، فقال عمر للرجلين : تطليقتان ، فقال أحدهما : سبحان الله جئنا لنسألك وأنت أمير المؤمنين فمشيت معنا حتى وقفت على هذا الرجل ، فرضيت منه بأن أومئ إليك ، فقال : أو تدريان من هذا ؟ قالا : لا ، قال : هذا علي بن أبي طالب ، أشهد على رسول الله لسمعته وهو يقول : لو أن السماوات السبع وضعن في كفة ميزان ، ووضع إيمان علي في كفة ميزان ، لرجح بها ايمان علي " [2] .
[1] شرح نهج البلاغة طبع مصر ج 1 ص 6 . [2] ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج 2 ص 364 رقم 864 ، ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 258 مع فرق ، والخوارزمي في المناقب الفصل الثالث ص 77 .