1 - خطأ التَّصَوُّر السائد عن عمل الإمام « عليه السلام » كتبتُ في المجلد الثالث نحو عشرين صفحة عن الإمام زين العابدين « عليه السلام » ، ثم لمست الحاجة إلى التفصيل في سيرته المباركة « عليه السلام » لغنى دوره التأسيسي في الإمامة ، وفي أحداث عصره وما بعده . وأول ما تلاحظه وأنت تقرأ الإمام « عليه السلام » عدم صحة التصور السائد عنه بأنه لم يستطع عمل الكثير ، فاتَّجَهَ إلى ترسيخ الدين والأخلاق عن طريق الدعاء والعبادة فقط ! فقد كانت العقيدة والعبادة أول ما جسده « عليه السلام » بأسلوبه الجديد الفياض ، لكنه قدم معهما الكثير في أبعاد الحياة الأخرى . كما تجد أن من الخطأ تصور أن حياته « عليه السلام » كانت طوال عمره مهددة ، فقد انحصر الخطر على حياته « عليه السلام » بعد كربلاء بفترتين قصيرتين : في وقعة الحَرَّة ، وفي فترة تسلط ابن الزبير على المدينة ، ثم ارتفع الخطر عنه في خلافة عبد الملك بن مروان ، وكانت مدةً طويلة ، أرسى فيها عبد الملك دولة المراونيين ، وبَلْوَرَ فيها الإمام « عليه السلام » قوة أهل البيت « عليهم السلام » ووقف في وجه التحريف الأموي للإسلام ، وقدم الإسلام الأصيل للأمة ، مقابل الإسلام الأموي المشوه ! وقد تأثر بشعاع الإمام « عليه السلام » فئات واسعة من الأمة ، ثارت على الأمويين باسم زعمائها ، أو باسم أهل البيت الطاهرين « عليهم السلام » .