قدم يهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقال له نعثل ، فقال : يا محمد ! انّي أسئلك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين فإنْ أجبتني عنها أسلمت على يدك . قال صلى الله عليه وآله وسلّم : سل يا أبا عمارة . قال : يا محمد ! صف لي ربّك . فقال صلوات الله عليه ان الخالق لا يوصف الّا بما وصف به نفسه . كيف يوصف الخالق الواحد الذي تعجز الحواس أن تدركه ، والأوهام أن تناله ، والخطرات أن تحدّه ، والبصائر أن تحيط قدرته ، جلّ عن ما يصفه الواصفون ، نأى في قربه ، وقرب في نأيه ، كيّف الكيف فلا يقال كيف ، وأيّن الأين فلا يقال أين تنقطع الأفكار عن معرفته ، وليعلم ان الكيفية منه ، والأينونية ، فهو الله الأحد ( 1 ) الصمد ( 2 ) كما وصف الواصفون ، لا يبلغون نعته } لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد . { قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن قولك انّه واحد لا شبيه له ; أليس الله واحد والإنسان واحد ، ووحدانيّته قد اشبهت ( 3 ) وحدانية الانسان . فقال صلى الله عليه وآله وسلّم : الله واحد ، واحد المعنى ( 4 ) ، والانسان واحد ثنوي ( 5 ) جسم وعرض وروح ، وانما التشبيه في المعاني لا غير ( 6 ) . قال : صدقت يا محمد ! فأخبرني عن وصيّك من هو ؟ فما من نبي الّا وله
1 - قال المؤلف رحمه الله : " يعني لا يتصوّر الكثرة في وحدانية ذاته ، وخال عن التبعيض والاجزاء " . 2 - قال المؤلف رحمه الله : " يعني ليس بجسم حتى يمكن أن يقال بأنه مجوف داخله فارغ ; ويتوجّه كل الخلائق في حوائجهم ورغباتهم إلى الله تعالى ، ويطلبون منه حاجاتهم " . 3 - في المخطوط ( اشتبهت وحدانيّة ) والظاهر انّه أخطأ النساخ في العبارة ، ورأينا الأقرب إلى المعنى والعبارة ما ثبتناه والله تعالى أعلم . 4 - قال المؤلف رحمه الله : " يعني انه أحد سرمدي ولم يكن معه شيء ولا يحد ولا عرض له وهكذا في الأزل " . 5 - قال المؤلف رحمه الله : " يعني غير واحد حقيقي " . 6 - قال المؤلف رحمه الله : " يعني ان التشبيه في المعاني وليس في غير المعاني ; يعني ليس هناك شريك له في معنى الوحدانيّة " .