رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأبو بكر في طائفة من المدينة ، فجاء فكشف الثوب عن وجه فقبله وقال : فداك أبي وأمي ما أطيبك حيّاً وميّتاً ، مات محمد ورب الكعبة ، قال : ثم انطلق إلى المنبر فوجد عمر بن الخطاب قائماً يوعد الناس ويقول : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حي لم يمت ، وإنّه خارج إلى من أرجف به ، وقاطع أيديهم ، وضارب أعناقهم وصالبهم . قال : فتكلّم أبو بكر وقال : أنصت ، قال : فأبى عمر أن ينصت ، فتكلم أبو بكر وقال : إنّ الله قال لنبيه صلّى الله عليه وسلّم : * ( إنَّكَ مَيِّتٌ وَإنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) * [1] ، * ( وَمَا مُحَمَّدٌ إلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ مَاتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أعْقَابِكُمْ . . . ) * [2] ، حتى ختم الآية ، فمن كان يعبد محمداً فقد مات إلهه الذي كان يعبده ، ومن كان يعبد الله لا شريك له ، فإنّ الله حيّ لا يموت . قال : فحلف رجال أدركناهم من أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم ما علمنا أنّ هاتين الآيتين نزلتا حتى قرأهما أبو بكر يومئذٍ ، إذ جاء رجل يسعى فقال : هاتيك الأنصار قد اجتمعت في ظُلّة بني ساعدة يبايعون رجلاً منهم يقولون : منّا أمير ومن قريش أمير . قال : فانطلق أبو بكر وعمر يتقاودان حتى أتياهم ، فأراد عمر أن يتكلم فنهاه أبو بكر فقال : لا أعصي خليفة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في يوم مرّتين ، قال : فتكلم أبو بكر فلم يترك شيئاً نزل في الأنصار ، ولا ذكره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من شأنهم إلا وذكره ، وقال : لقد علمتم أنّ رسول الله قال : لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار وادياً سلكت وادي الأنصار ، وقد علمت يا سعد أنّ رسول الله قال وأنت قاعد : قريش ولاة