من هذه الأُمّة فكرهتُ ذلك ، وأشفقت أيضاً على هذين أن يهلكا على أثرهما ; وأيم الله إن لقيتهم [1] بعد يومي هذا لألقينّهم وهم معي في معسكر [2] . ثمّ حرّك دابته ومضى وإذا على جنبه قبور ستة أو سبعة [3] فقال عليّ ( عليه السلام ) : لمن هذه القبور ؟ فقالوا [4] : يا أمير المؤمنين الخبّاب بن الأرت بعد مخرجك أوصى إن مات أن يدفن ظاهر البلد [5] . وكان الناس قبل ذلك يدفنون موتاهم في دورهم وأفنيتهم ، وكان أوّل من دُفن بظاهر الكوفة هو ودُفن الناس إلى جنبه [6] ، فقال عليّ ( عليه السلام ) : رحم الله خبّاباً ، فلقد أسلم راغباً ، وهاجَر طائعاً ، وعاش مجاهداً ، وابتُليَ في جسمه [7]
[1] في ( أ ) : لقيتم . [2] في ( ب ) : وليس هما معي في معسكر ولا دار . ( انظر المصدر السابق ، وقعة صفين : 530 ) . [3] تاريخ الطبري : 4 / 44 ، لكن في وقعة صفين : 530 قال : بقبور سبعة أو ثمانية . [4] المصدر السابق ، وقعة صفين : 530 ولكنه ذكر القائل وهو قدامة بن عَجْلان الأزدي . [5] المصدر السابق ، وقعة صفين : 530 لكن فيه : توفّي بعد مَخْرجك فأوصى أن يُدفَن في الظهر - وهو ما ظهر من الأرض أي ما غلظ وارتفع - . وخبّاب هذا هو ابن الأرتّ بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب ، أبو عبد الله ، كان من السابقين الأولين ، ومن المستضعفين ، قيل : إنّه أسلم سادس ستة وعذّب عذاباً شديداً لأجل ذلك ، روى الطبراني من طريق زيد بن وهب ، قال : لمّا رجع عليّ من صفين مرّ بقبر خبّاب ، فقال : رحم الله خبّاباً ، أسلم راغباً ، وهاجر طائعاً ، وعاش مجاهداً ، وابتلي في جسمه أحوالا ، ولن يضيع الله أجره . شهد خبّاب بدراً وما بعدها ، ونزل الكوفة ومات بها سنة ( 37 ه ) وهو من بني سعد بن زَيد مناة بن تميم ، وكان قد أصابه سِباء ، فبيع بمكة فاشترته أُم أنمار بنت سِباع الخزاعية من حلفاء بني زهرة فأعتقته - ويقال : بل أُم خبَّاب ، وأُم سِباع ابن عبد العزّى الخزاعي ، وكان ألكن إذا تكلّم بالعربية فسمّي الأرتّ ، وروي عن خبّاب أنه قال : قد أوقد المشركون لي ناراً ثمّ سلقوني فيها ، ثمّ وضع رجلٌ رجله على صدري ، فما أتيت الأرض إلاّ بظهري ، ثمّ كشف عن ظهره فإذا هو قد برص . وللمزيد من معرفة حياته ( رحمه الله ) انظر الإصابة : 1 / 416 ، المعارف : 316 ، أنساب الأشراف : 1 / 175 - 180 ، قاموس الرجال : 4 / 154 158 ، الخصال : 1 / 312 . [6] في ( ج ) : جانبه . [7] في ( ب ) : جسده .