أجب إلى كتاب الله تعالى إذا دعيت إليه وإلى ما فيه أوّلا وإلاّ دفعناك برمّتك إلى القوم [1] . وكان الأشتر ( رض ) في الميمنة وعليّ ( عليه السلام ) في القلب وابن عباس في الميسرة على ما سبق ذكره . فكفّ عليّ وابن عباس عن القتال [2] ولم يكفّ الأشتر ( 3 ) وذلك لمّا رأى من لوايح النصر والظفر فقالوا : ابعث إلى الأشتر فليأتك ويكفّ عن القتال فبعث إليه عليّ يزيد بن هانئ يستدعيه ( 4 ) ، فقال الأشتر : قل لأمير المؤمنين : ليست هذه الساعة بالساعة الّتي ينبغي أن يزيلني بها عن موقفي ( 5 ) فإنّي قد وجدت ريح الظفر ( 6 ) . فأتى علياً وأخبره بمقالته فردّه إليه ثانياً وهو يقول له : اقبل إليَّ فإنّ الفتنة قد وقعت ، فجاءه ( 7 ) الأشتر ( رض ) وقال : ما هذا ؟ ألرفع المصاحف ؟ قال : نعم ، قال : والله لقد ظننت أنها ستوقع ( 8 ) اختلافاً وفرقةً وأنها مشورة ابن العاص ( 9 ) . فأقبل الأشتر على القوم من أصحابه وقال : يا أهل العراق يا أهل الذلّ والوهن ، أحين عَلَوتم القوم وعرفوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها ؟ ويلكم أمهلوني فُوَاقاً فإنّ الفتح قد حصل والنصر قد أقبل ، قالوا : لاَ يكون ذلك أبداً فقال : أمهلوني عدو الفَرس ، قالوا : إذن ندخل معك في خطيئتك ، قال : محدِّثوني ( 10 )
[1] انظر المصادر السابقة ، وأضاف صاحب وقعة صفين : . . . يا عليٌّ ، أجب القومَ إلى كتاب الله إذْ دُعيتَ إليه ، وإلاّ قتلناك كما قَتلنا ابن عفان ، فوالله لنفعلنَّها إنْ لم تُجِبْهم . فقال لهم : ويحكم ، أنا أوّل من دعا إلى كتاب الله وأوّل من أجاب إليه . . . وقريب من هذا في الفتوح لابن أعثم : 2 / 183 . [2] انظر شرح النهج لابن أبي الحديد : 1 / 186 ، و : 2 / 211 وما بعدها ، وقعة صفين : 490 ، الفتوح لابن أعثم : 2 / 183 . ( 3 و 4 ) المصادر السابقة ، والأخبار الطوال : 190 ، والطبري : 4 / 35 ، و : 6 / 27 ، ومروج الذهب : 3 / 400 . ( 5 ) في ( أ ) : مكاني . ( 6 ) انظر المصادر السابقة مع اختلاف يسير في اللفظ ، وانظر كشف اليقين : 159 . ( 7 ) في ( أ ) : فإنّ الفتنة تريد أن تقع فجاء . . . ( 8 ) في ( أ ) : سترفع . ( 9 ) انظر المصادر السابقة ، وفي تاريخ الطبري : 4 / 35 : ابن العاهرة وكذلك في ( ج ، د ) . ( 10 ) في ( أ ) : فخبّروني .