ولمّا كان اليوم الّذي ارتحلت فيه عائشة أتاها عليّ ( عليه السلام ) بنفسه فوقف لها وحضر الناس لوداعها فقالت : يا بني لاَ يعتب [1] بعضنا على بعض [ إنّه ] والله لم يكن بيني وبين عليّ في القديم إلاّ ما يكون بين المرأة وأحمائها [2] وإنّه عندي على معتبتي [3] لمن الأخيار ، فقال عليّ ( عليه السلام ) : [ أيّها الناس ] صدقت والله ما كان بيني وبينها إلاّ ذاك وإنّها لزوجة نبيّكم [4] ( صلى الله عليه وآله ) في الدنيا والآخرة . وخرجت يوم السبت غرة رجب وسار معها عليّ ( عليه السلام ) أميالا وسرح [5] بنيه معها يوماً كاملا [6] . وكان توجّهها إلى مكة المشرّفة فأقامت بها إلى أيّام الحجّ فحجّت ثمّ رجعت إلى المدينة [7] .
[1] في ( أ ) : لاَ يغضب ، وفي ( ج ) : تعتب . [2] في ( أ ) : وحماها . [3] في ( أ ) : وإنّه على معتبي . [4] في ( أ ) : نبيّنا . [5] في ( أ ) : وسير . [6] انظر تاريخ الطبري : 3 / 547 . [7] تقدّمت تخريجاته . لكن بعد هذا كلّه يبقى سؤال يطرح نفسه : لماذا رجعت إلى بيتها وفي نفسها ألف حسرة وندامة وصدرها يغلي على عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) كالمِرجَل كما قال هو ( عليه السلام ) في خطبته في البصرة بعد حرب الجمل - كما ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج : 1 / 63 - وأمّا عائشة فقد أدركها رأي النساء ، وشئٌ كان في نفسها عليَّ يغلي في جوفها كالمِرجَل . . . وبقيت منطوية على غيظها علية مدّة خلافته القصيرة حتّى إذا جاء نعيه سجدت لله شكراً وأظهرت السرور كما ذكر أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين : 43 ، ولكن في الطبعة الأُولى في إيران مطبعة أمير منشورات الشريف الرضي شرح وتحقيق السيّد أحمد صقر ذكر في : 55 قال : لمّا ان جاء عائشة قتل عليّ ( عليه السلام ) سجدت . . . دون ذكر " لله شكراً " وهي الّتي تمثّلت بقول الشاعر : فألقت عصاها واستقرّ بها النوى * كما قرَّ عيناً بالإياب المُسافر ثمّ قالت : مَن قتله ؟ فقيل : رجل من مراد ، فقالت : فإن يَكُ نائياً فلقد نعاه * غلامٌ ليس في فيه التراب فقالت زينب ابنة أُم سلمة - ربيبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ألعليٍّ تقولين هذا ؟ فقالت : إنّي أنسى ، فإذا نسيت فذكّروني . ( انظر طبقات ابن سعد : 3 / 27 ، ابن الأثير : 3 / 171 ، والطبري : 6 / 87 ، تهذيب الكمال : 249 ، ميزان الاعتدال : 2 / 301 ، أُسد الغابة : 5 / 468 ، كتاب الجمل للشيخ المفيد : 84 ) .