فجلس بين يديه فبكى وقال : يا أبت أمرتك بأمر فعصيتني [1] ثمّ أمرتك [2] وها أنت تقبل غداً بمصبغة [3] من الأرض ولا ناصر لك ، فقال له عليّ ( رض ) : [ هات ] ما عندك إنّك لاَ تزال تحنّ حنين الجارية [4] ما الّذي أمرتني [ به ] فزعمت أني عصيتك فيه ؟ قال : أمرتك حين أحاط الناس بعثمان أن تعتزل [5] ناحية [ عن المدينة ] فإنّ الناس إن قتلوه طلبوك حيث كنت فبايعوك فلم تفعل ، ثمّ قُتل عثمان ، فلمّا ، أتاك الناس يبايعونك أمرتك بأن لاَ تفعل حتّى يجتمع [6] الناس ويأتيك وفود العرب فلم تفعل ،
[1] ذكر ذلك ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : 1 / 68 ، والطبري في تاريخه : 3 / 474 أنّ الحسن بن عليّ ( عليه السلام ) قال لأبيه ( عليه السلام ) : قد أمرتك فعصيتني فتُقتل غداً بمَصْبغة لاَ ناصر لك ، فقال عليّ : إنّك لاَ تزال تُحنّ حنين الجارية وما الّذي أمرتني فعصيتك ؟ قال : أمرتك يوم أُحيط بعثمان ( رضي الله عنه ) أن تخرج من المدينة فيُقتل ولست بها ، ثمّ أمرتك يوم قُتل أن لاَ تبايع حتّى يأتيك وفود أهل الأمصار والعرب وبيعة كلّ مصر ، ثمّ أمرتك حين فعل هذان الرجلان ما فعلا أن تجلس في بيتك حتّى يصطلحوا فإن كان الفساد كان على يدي غيرك ، فعصيتني في ذلك كلّه . قال : أي بُني أمّا قولك لو خرجت من المدينة حين أُحيط بعثمان فوالله لقد أُحيط بنا كما أُحيط به ، وأمّا قولك لا تبايع حتّى يأتي بيعة الأمصار فإنّ الأمر أمر أهل المدينة وكرهنا أن يضيع هذا الأمر ، وأمّا قولك حين خرج طلحة والزبير فإنّ ذلك كان وهناً على أهل الإسلام والله ما زلت مقهوراً مذ ولّيت منقوصاً لاَ أصل إلى شيء ممّا ينبغي ، وأمّا قولك اجلس في بيتك فكيف لي بما قد لزمني أو من تريدني أتريد أن أكون قبل الضبُع . . . وذكر الطبري أيضاً في : 3 / 476 بأنه قام إليه الحسن فبكى ، فقال له عليّ : قد جئت تحنّ حنين الجارية ، فقال : أجل أمرتك فعصيتني فأنت اليوم تُقتل بمصبغة . . . وأمّا ابن قتيبة فيقول : قال له : أما والله كنت أمرتك فعصيتني ، فقال له عليّ : وما أمرتني به فعصيتك فيه ؟ قال : أمرتك أن تركب رواحلك فتلحق بمكة المشرفة فلا تتهم به ، ولا تحل شيئاً من أمره فعصيتني . . . وسنقف مع هذا القول إن شاء الله تعالى في الفصل القادم . [2] في ( ب ) : آمرك . [3] في ( أ ) : بمضيعة . [4] انظر المصادر السابقة . [5] في ( أ ) : تعزل . [6] في نسخة ( ج ) زاد لفظ " لاَ يجتمع " وهو خطأ .