وثلاثين ، فبينما هو في مسيره إذ أتاه رسول أُمّ الفضل [1] ( رض ) يخبره عن طلحة والزبير وعائشة بما كان منهم و [ أنهم ] خرجوا [ من ] مكة قاصدين إلى البصرة ، فلمّا بلغه ذلك دعا وجوه أهل المدينة فخطبهم وحمد الله وأثنى عليه وقال : إنّ آخر هذا الأمر لاَ يصلح إلاّ بما يصلح أوّله ، فانصروا الله تعالى ينصركم ويصلح أمركم [2] . ثمّ إنّ علياً ( رض ) أعرض عن قصد الشام وحثّ المسير إلى جهة البصرة رجاء أن يدرك طلحة والزبير قبل وصولهما إليها فيراهما [3] ويناجز هما ، فلمّا انتهى إلى الربذة أتاه الخبر بأنّهم سبقوا إلى البصرة وقد نزلوا بقبابها [4] . قال علقمة بن وقّاص الليثي [5] : رأيت طلحة في مخرجه هذا مع الزبير وعائشة بعد بيعة أهل البصرة لهم وأحبّ المجالس إليه أخلاها وهو ضارب بيده على لحيته مفكّراً فقلت له : يا أبا محمّد إنّي أرى أحبّ المجالس إليك أخلاها وإنّي لم أزل أراك ضارباً بيدك على لحيتك مفكّراً إن كرهت شيئاً فاجلس . قال : فقال [ لي ] : يا علقمة بينا نحن على يد واحدة على مَن سوانا [ إذ ] صرنا جبلين من حديد يطلب بعضنا بعضاً . يا علقمة إنّه كان منّي في عثمان شيء ليس توبتي منه إلاّ أن يسفك دمي في طلب دمه . قال : فقلت [6] [ له ] : ردّ ابنك محمّداً فإنّ لك ضياعاً وعيالا فإنّ
[1] وكتبت أُمّ الفضل بنت الحارث إلى عليّ ( عليه السلام ) : بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الله عليّ أمير المؤمنين من أُمّ الفضل بنت الحارث ، أمّا بعد ، فإنّ طلحة والزبير وعائشة قد خرجوا من مكّه يريدون البصرة وقد استنفروا الناس إلى حربك ولم يخف معهم إلى ذلك إلاّ من كان في قلبه مرض ، ويد الله فوق أيديهم ، والسلام . ( ذكر ذلك ابن أعثم في الفتوح : 1 / 459 ) . [2] تاريخ الطبري : 5 / 185 ، والكامل في التاريخ : 3 / 115 . [3] في ( ب ، ج ) : فيردهما . [4] انظر المصادر السابقة . [5] علقمة بن وقاص الليثي ولد على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وشهد الخندق وتوفّي أيام عبد الملك بن مروان بالمدينة . ( انظر أُسد الغابة : 4 / 15 ) . [6] في ( أ ) : قلت .