قومٌ أبى الله إلاّ أن تكون لهم * مكارم الدين والدنيا إلى [1] الأبد يا أُمّ كلثوم أبكيه ولا تدعي * بكاء معولة حرى على ولد [2]
[1] في ( ب ، د ) : في . [2] نسبت هذه الأبيات إلى عمرة أُخت عمرو بن عبدودّ العامري تارةً كما ذكرت المصادر السابقة بالإضافة إلى المستدرك على الصحيحين : 3 / 33 ، والارشاد للشيخ المفيد : 1 / 106 ، ولسان العرب لابن منظور : 7 / 127 ، والفصول المختارة : 237 ، والبحار : 20 / 260 . وتارةً أُخرى نسبت إلى أُمّ عمرو كما ذكر المصنّف هنا ، ولسنا بصدد تحقيق هذا المطلب ، فمن شاء فليراجع المصادر السابقة واللاحقة هنا . لكلّ جواد كبوة : حديثنا هنا عن عالم حقيقي عرفناه من خلال كتابه هذا ووصفناه بالنزاهة والموضوعية وكما قال الديلمي في الفردوس : العالم سلطان الله في الأرض فمن وقع فيه فقد هلك . ونحن لاَ ندري لماذا اغفل ابن الصبّاغ المالكي حديث فيمن هو قرين المعجزة وعديلها ، وأسدُ الله الّذي شتّت جنود الكفر ، وسيفه الّذي ضربة منه تعدل أعمال الأُمّة إلى يوم القيامة كما ورد في كثير من المصادر التاريخية والحديثية ، وكمثال على ذلك ما أورده الحاكم في المستدرك : 3 / 32 مسنداً عن سفيان الثوري أنه قال ( صلى الله عليه وآله ) : لمبارزة عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من أعمال أُمّتي إلى يوم القيامة . نقول : ربما منع ابن الصبّاغ من نقل أو ذكر هذا الحديث وغيره - الّذي ورد بهذا المعنى مع الاختلاف اليسير في اللفظ ولم يشر إليه ولو بإشارة بالرغم من ذلك أنه ذكر كلّ واقعة الخندق بتفاصيلها - هو قرب الناس من عهد تفشّت فيه الفتنة كما أشرنا سابقاً ، وعدم تمكين الايمان من نفوسهم ، ولعلّ هذا هو الظرف الّذي منعه من مآل الفعل المشروع . فالمجدّد المجتهد يعرف المجتمع الّذي يعيش فيه وما يسيطر عليه من اتجاهات مذهبية عديدة كما أشار إليها في مقدمة كتابه هذا واتهامه بالرفض . وإلاّ كيف يغفل - وهو النبيه - عن شجاعة الإمام عليّ ( عليه السلام ) الّتي أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله ، ومحا اسم من يأتي بعده ، ومقاماته في الحروب مشهورة ، ويضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة ، وهو الشجاع الّذي ما فرّ قطّ ولا ارتاع من كتيبة ولا بارز أحداً إلاّ قتله . كما ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج : 1 / 20 . فقد روى المؤرّخون في مبارزة عليّ ( عليه السلام ) يوم الخندق وأنها أفضل من أعمال الأُمّة إلى يوم القيامة بألفاظ مختلفة تؤدّي إلى نفس المعنى فقد روى صاحب المستدرك عن سفيان الثوري أنه ( صلى الله عليه وآله ) قال ذلك لعلي ( عليه السلام ) يوم الخندق . ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه : 13 / 19 عن إسحاق بن بشر القرشي . وذكره الفخر الرازي في تفسيره الكبير : 32 / 31 وفي ذيل تفسير سورة القدر ورد بلفظ : لمبارزة عليّ ( عليه السلام ) مع عمرو بن عبد ودّ أفضل من عمل أُمّتي إلى يوم القيامة . وذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج أيضاً : 19 / 61 أنه ( صلى الله عليه وآله ) قال حين برز عليّ ( عليه السلام ) لعمرو بن عبدودّ : برز الايمان كلّه إلى الشرك كلّه . وقال الإيجي في شرح المواقف : 617 قوله ( صلى الله عليه وآله ) : لضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين . وفي السيرة الحلبية بهامش السيرة النبوية : 2 / 320 قال ( صلى الله عليه وآله ) : قتل عليّ لعمرو بن عبدودّ أفضل من عبادة الثقلين . وقال الفخر الرازي في نهاية العقول في دراية الأُصول : 114 انه ( صلى الله عليه وآله ) قال : لضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين . وذكر مثله بحار الأنوار في : 20 / 216 و 258 . ومثله تاريخ دمشق ترجمة الإمام عليّ ( عليه السلام ) : 1 / 155 ، وفرائد السمطين : 1 / 255 ح 197 ، وهامش تاريخ دمشق : 155 ، وشواهد التنزيل : 2 / 14 ح 636 ، والمناقب للخوارزمي : 169 ح 202 وص 58 الفصل 9 ، وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب : 2 / 326 ط الغري ، وكشف الغمّة للإربلي : 1 / 255 ، وفى السيرة أيضاً : 1 / 349 ، وفي كتاب المواقف : 3 / 276 ، وهداية المرتاب : 148 ، وكنز العمّال : 6 / 158 الطبعة الأُولى ، والغدير : 7 / 206 ط بيروت ، وشرح المختار قال ابن أبي الحديد في ( 230 ) في باب قصار كلام أمير المؤمنين من نهج البلاغة : 5 / 513 بإضافة : . . . تعدل أعمال المهاجرين والأنصار وطاعاتهم كلّها وتربى عليها ، وفي الدرّ المنثور : 5 / 192 ، وكذلك البحار : 39 / 1 . وها هو ( عليه السلام ) يقول : . . . نشدتكم الله ، أفيكم أحدٌ يوم عبر عمرو بن عبدودّ الخندق وكاع عنه جميع الناس فقتله غيري ؟ قالوا : اللّهمّ لاَ . ( انظر تاريخ بغداد : 13 / 19 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 45 ، تلخيص المستدرك : 3 / 32 ) . ويوم الخندق لمّا سكت كلّ منهم ولم يجب طلب عمرو بن عبدودّ العامري . وكادت تكون هزيمة نكراء لو لم ينهض بها عليّ بن أبي طالب ، وبهذا قال ( صلى الله عليه وآله ) : برز الايمان كلّه إلى الشرك كلّه . وبهذا وذاك تذهب أدراج الرياح إيرادات وإشكالات وتبريرات ابن تيمية حين قال كما ورد في السيرة الحلبية ومعها هامش السيرة النبوية : 2 / 320 : إنها أي ضربة علىّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين - من الأحاديث الموضوعة الّتي لم ترد في شيء من الكتب الّتي يعتمد عليها ولا بسند ضعيف ، وكيف يكون قتل كافر أفضل من عبادة الثقلين الإنس والجنّ ومنهم الأنبياء ؟ ! ثمّ قال : بل إنّ عمرو بن عبدودّ هذا لم يعرف له ذكر إلاّ في هذه الغزوة . والجواب نحن لسنا بصدد هذا الكلام ومناقشته بل نورد ما قاله العلاّمة برهان الدين الحلبي الشافعي في نفس كتابه السيرة الحلبية وفي نفس الجزء والصفحة : إنّ عمرو بن عبدودّ هذا لم يعرف له ذكر إلاّ في هذه الغزوة ، قول ليس له أصل ، وكان عمرو بن عبدودّ قد قاتل يوم بدر حتّى أثبتته الجراحة فلم يشهد يوم أُحد ، فلمّا كان يوم الخندق خرج معلّماً . . . وأنّه نذر لاَ يمسّ رأسه دهناً حتّى يقتل محمّد ( صلى الله عليه وآله ) . . . وقوله " كيف يكون قتل كافر أفضل من عبادة الثقلين " فيه نظر لأنّ قتل هذا كان فيه نصرة للدين وخذلان الكافرين . . . وقال الشيخ المظفر في دلائل الصدق : 2 / 402 : لمبارزة عليّ لعمرو أفضل من . . . فكان هو السبب في بقاء الايمان واستمراره وهو السبب في تمكين المؤمنين من عبادتهم إلى يوم الدين ، لكن هذا ببركة النبيّ الحميد ودعوته وجهاده في الدين . . . وانظر أيضاً المعيار والموازنة : 91 .