معاذ [1] . ويقال : ثبت ابن سعد بن عبادة ، ومحمّد بن مسلمة . وبايعه يومئذ ثمانية على الموت ، ثلاثة من المهاجرين ، وخمسة من الأنصار : الزبير ، وطلحة ، وأبو دجانة ، والحارث بن الصمت ، وحباب بن المنذر ، وعاصم بن ثابت ، وسهل بن حنيف ، ولم يقتل منهم أحد ، وأُصيبت [2] يومئذ عين قتادة بن النعمان حتّى وقعت على خدّه قال : فجئت إلى النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) وقلت : يا رسول الله ! إنّ تحتي امرأة شابّة جميلة أُحبّها وتحبّني وأنا أخشى أن تقذر مكان عيني . قال : فأخذها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فردّها فأبصرتُ بها ، وعادت أحسن ممّا كانت . لم تؤلمني ساعة من الليل أو نهار ، وكان يقول بعد ما أن أسنّ هي أقوى عينيَّ وأحسنهما [3] . وعن ابن عباس ( رض ) قال : خرج طلحة بن أبي طلحة يوم أُحد وكان [4] صاحب لواء المشركين فقال : يا أصحاب محمّد ! تزعمون أنّ الله يعجّلنا بأسيافكم إلى النار ، ويعجّلكم بأسيافنا إلى الجنة فأيّكم يبرز إليَّ ؟ فبرز إليه عليّ بن أبي طالب وقال له : والله لاَ أُفارقك حتّى أُعجلك بسيفي إلى النار ، فاختلفا بضربتين فضربه عليّ على رجله فقطعها وسقط إلى الأرض ، فأراد عليّ أن يجهز عليه فقال : أُنشدك الله والرحم يا بن عمّ ، فانصرف عنه إلى موقفه ، فقال المسلمون : هلا أجهزت عليه ، فقال : أنشدني [5] الله ولن يعيش ، فمات من ساعته . وبُشّرَ النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بذلك ، فَسُرَّ وسُرَّ المسلمون [ ثمّ قال : ] قال [ محمّد ] بن إسحاق : كان الفتح يوم أُحد بصبر [6] عليّ ( عليه السلام ) وعنائه وثباته وحسن بلائه [7] .
[1] في ( أ ) : معاد . [2] في ( أ ) : وأصيب . [3] انظر المصادر السابقة . [4] في ( ب ) : فكان . [5] في ( د ) : ناشدني . [6] في ( أ ) : نصر . [7] انظر نور الأبصار للشبلنجي : 78 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 1 / 91 ، وكشف الغمّة للإربلي : 1 / 196 ، السيرة النبوية لابن هشام : 3 / 159 ، البحار : 20 / 89 ، وقد زاد صاحب السيرة الحلبية في : 2 / 27 ، وفي السيرة بهامش السيرة النبوية : 2 / 323 : . . . فبرز إليه عليّ ( عليه السلام ) وهو يقول : يا طلح إن كنتم كما تقول * لكم خيول ولنا نصول فاثبت لننظر أيّنا المقتول * وأيّنا أولى بما تقول فقد أتاك الأسد الصؤول * بصارم ليس به فلول ينصره القاهر ( الناصر ) والرسول فقال طلحة : من أنت يا غلام ؟ قال : أنا عليّ بن أبي طالب . قال : قد علمت يا قضم أنّه لاَ يجسر عليَّ أحدٌ غيرك ، فشدّ عليه طلحة فضربه فاتّقاه عليّ بالجحفة ، ثمّ ضرب عليّ على فخذيه فقطعهما جميعاً فسقط على ظهره ، وسقطت الراية فذهب عليّ ليجهّز عليه فحلّفه بالرحم فانصرف عنه . وفي خبر آخر فانكشفت عورته فقال : أُنشدك الله والرحم يا بنّ عم ؟ فتركه فكبّر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فقال المسلمون : ألا أجهزت عليه ؟ قال : قد ضربته ضربة لاَ يعيش منها أبداً . ثمّ أخذ الراية أبو سعيد ابن أبي طلحة فقتله عليّ ( عليه السلام ) وسقطت رايته إلى الأرض . فأخذها عثمان بن أبي طلحة فقتله عليّ ( عليه السلام ) وسقطت الراية إلى الأرض . فأخذها مسافع بن أبي طلحة فقتله عليّ ( عليه السلام ) وسقطت الراية إلى الأرض . فأخذها الحارث بن أبي طلحة فقتله علىّ ( عليه السلام ) وسقطت الراية إلى الأرض . فأخذها عزيز بن عثمان فقتله عليّ ( عليه السلام ) وسقطت الراية إلى الأرض . فأخذها عبد الله بن جميلة بن زهير فقتله عليّ ( عليه السلام ) وسقطت الراية إلى الأرض . فقتل عليّ ( عليه السلام ) التاسع من بني عبد الدار وهو أرطاة بن شرحبيل مبارزة وسقطت الراية إلى الأرض . فأخذها مولاهم صوأب فضربه عليّ ( عليه السلام ) على يمينه . . . ثمّ قال : يا بني عبد الدار ، هل أعذرت فيما بيني وبينكم ؟ فضربه عليّ ( عليه السلام ) على رأسه فقتله . . . فأخذتها عمرة بنت علقمة الحارثية فنصبتها . . . ثمّ قال : فإنّ هذا اللواء كان شؤوماً على بني عبد الدار ، فقد قتلت رجالهم ووقع على الأرض حتّى رفعته امرأة . كما يقول السيّد حسن الأميني صاحب دائرة المعارف الإسلامية الشيعية : ج 1 وأعيان الشيعة : 1 / 387 . وروى هذه القصة والمحاورة الشيخ المفيد ( رحمه الله ) في الإرشاد : 1 / 81 و 85 باختلاف بسيط فراجع ، وباختلاف يسير في تاريخ الطبري : 2 / 509 ، تفسير القمي : 1 / 112 ، مناقب آل أبي طالب : 3 / 123 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 2 / 107 ، كشف اليقين لابن المطهّر الحلّي : 127 . وعندما قتل عليّ ( عليه السلام ) هؤلاء وفرّ أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولم يثبت معه إلاّ عليّ ( عليه السلام ) وقال جبريل ( عليه السلام ) : لاَ سيف إلا ذو الفقار . . . كما أشرنا سابقاً : قال جبريل : يا رسول الله ، لقد عجبت الملائكة من حسن مواساة عليّ لك بنفسه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما يمنعه من ذلك هو منّي وأنا منه . فقال جبريل ( عليه السلام ) : وأنا منكما . ولسنا بصدد بيان كلمة " منّي " وما تحمل في طيّاتها من معان كثيرة ، ولكن ننقل بتصرّف ما قاله ابن البطريق في العمدة : 206 ، والعلاّمة البياضي في الصراط المستقيم : 2 / 57 ، والشيخ المظفّر في دلائل الصدق : 2 / 422 ، والسيّد مرتضى العسكري في معالم المدرستين : 1 / 164 ، وكشف الغمّة : 1 / 96 ، والمراجعات : 244 . فابن البطريق يقول : " منّي " من جنسي في التبليغ والأداء ووجوب فرض الطاعة ، فصار استحقاق الإمامة له كاستحقاق النبوّة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) وكلمة " منّي " لاَ تحتمل التأويل بقرينة أنه ( صلى الله عليه وآله ) قال بعدها " وأنا منه " . وقال البياضي : وكلامه ( صلى الله عليه وآله ) دليل ظاهر على أنه أحقّ بمقامه ، إذ تخصيصه بهذا القول دون غيره من أُمّته دليل فضيلته الموجب لاستحقاق رتبته . أمّا الشيخ المظفّر فيقول : دلالة الجميع على إمامة عليّ ( عليه السلام ) ظاهرة لأنّ جعل كلّ من النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) وعليّ ( عليه السلام ) بعضاً من الآخر دليل على اتحادهما بالمزايا والفضل والإمامة . أمّا السيّد العسكري فيقول : إنّ لفظ " منّي " في أحاديث الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وخاصّة " أنت منّي بمنزلة هارون من موسى " يوضح المراد من أنّ هارون لما كان شريك موسى في النبوّة ووزيره في التبليغ ، وكان عليّ من خاتم الأنبياء بمنزلة هارون من موسى باستثناء النبوّة فيبقى لعلي الوزارة في التبليغ .