responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي    جلد : 1  صفحه : 99


الحسد ، وهو - مع ذلك - يكابد ويتجلد ، ولم يقابل أحداً منهم بنظم ولا نثر ، ثم رام قطع هذه المادة ، فأنشأ السفر إلى الحج ، فحج وزار المدينة النبوية ، وعاد في البحر ، فأقام يسيراً ، وصار يتودد لأكثر من أشير إليهم ، ثم رجع بعد صلاته على العلم البلقيني إلى الحرمين في البحر أيضاً ، وصحبته مبرات لأهلهما ، فوصل المدينة في رمضان سنة ثمان وستين ، فأقام بها حتى رجع لمكة صحبة الركب الشامي ، فحج ، ثم عاد إليها أيضاً ، فأقام بها إلى نصف شعبان من التي تليها ، ثم رجع من الينبع لمكة ، فاستمر بها إلى ربيع الأول سنة سبعين ، فشهد المولد ، ثم رجع في البحر إلى المدينة أيضاً ، فأقام بها حتى مات مبطوناً في ثالث عشر شوال منها ، بعد أن تعلل معظم رمضان وصلي عليه في ظهر يومه بالروضة ، ودفن بالبقيع بين السيد إبراهيم والإمام مالك رضي الله عنهما وغبط بذلك كله ، وتفرق الناس جهاته ، وكان رحمه الله فاضلاً ، بارعاً ذكياً ، وجيهاً ، حسن المحاضرة والمفاكهة والمعاملة ، شديد التخيل ، كثير التحري في الطهارة ، مديماً للضحى ، والإكثار من الصيام والقيام ، والتلاوة مع خضوع وخشوع ، متحرزاً في ألفاظه ، وتحسين عبارته ، متأنقاً في ملبسه ومشيته ومسكنه ، وخدمه وهيبته ، عطر الرائحة ، حسن العمة ، بهيجاً في أموره كلها ، باراً بكثير من الفقهاء ، ساعياً في إيصال البر إليهم ، حسن السفارة لهم ولغيرهم ممن يقصده من جيرانه فمن دونهم ، مقبول الكلمة ، خصوصاً عند الزيني بن مزهر صاحبه ، وقد جر إليه خيراً كثيراً ، وحصل لفقراء الحرمين بواسطته بر وفضل ، وبالجملة كان في أواخر عمره حسنة من حسنات دهره ، وممن بالغ في أذيته ، وتقبيح سيرته وطويته ، ورميه الدائم بالعظائم : البقاعي ، بحيث قال لي الشيخ شهاب : قد عجزت عن استرضائه ليكف ، كل ذلك لكونه لما بلغه قوله في قصيدته : وما أنيسي إلا السيف في عنقي قال : يستحق ، مع ملاحظة كون الناس استحسنوا قصيدة الشهاب في ختم فتح الباري ، على قصيدة ذاك ، وكونه عمل مرثية لشيخنا على روي قصيدته الثقيلة ، ووزنها ، فكانت بديعة الانسجام والرقة ، مع أنه لم يبرزها ، تحامياً عن الشر إلى ذلك بل كاد مرة أن يقتله ، فإنه برك عليه في مجلس الإملاء ، والخنجر بيده ، هذا مع طارحة بنيهما ، فكان جواب البقاعي :
أيا من سما حذقاً وحفظاً ومقولاً * وكان أياماً أحمداً وكذا قسا معاذ إلهي أن أفرط في الذي * جعلت لنا بسطاً بنظمك أو أنسى وبين يدي الله تلتقي الخصوم ، وقد صحبته كثيراً ، وسمعت من نظمه ونثره ما كتبت منه جملة في المعجم ، والوفيات وغيرهما ، وكتبت عنه القصيدة المشار إليها ، وأودعتها في

99

نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي    جلد : 1  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست