responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي    جلد : 1  صفحه : 145


لم أعالجه لمجاورتي إياه بالدخول عليه ، لما كنت أدري ما يفعل به ، فبادر وذهب إلى الأمير ، وقال : إن مات ابن مرزوق ، استغنيت الدهر ، وكل ماله عند ابن فرحون ، فبلغته ذلك وأخبرته ، فقال لي : ووصل إلى هذا الحد ؟ أنا إن شاء الله أريك فيه ، فوالله لم تمر عليه إلا أقل من جمعة حتى حمل إلى المقبرة بعد عذاب شديد تاله في مرضه ، وذلك في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة . وكان الشيخ لا يأكل الرطب ، ولا الفاكهة ، ولا العنب ولا البطيخ ، ولا اللحم ولا السمن ، حتى نحل ورق ، وعزمت عليه بظاهر الشرع ، فلم يتحول ، بل كان صائم الدهر ، قائم الليل ، لا يفتر عن ذكر الله ، ويتفقد الفقراء في بيوتهم ، ويعالج الطرحاء في مكانهم ، ويطوف على المرضى بالمدينة فيتفقدهم ، ويطلب منا المساعدة حتى ذلك ، ولا يزال متبسماً ، يسأل عن الصغير قبل الكبير ، ويأتي إلى بيوت أصحابه ، ويدعو لصغارهم ، ولي منه أوفر نصيب ، حتى أني لو قلت : لم أر الخير إلا معه ، ولا السعد إلا في أيامه : كنت صادقاً ، ويتفقد نفسه إذا وقع في شيء من الهم ، حتى إنه جاء يوماً من المسجد ، وبيده قطعة من حديد تسوي فلساً ، أو لا تسوي ، فنادى : ولدي أحمد ، فأعطاه إياها ليلعب بها ، ثم خرج عنا ، فلما دخل المسجد رجع بسرعة ، فقال : هاتوا تلك الحديدة ، فأتيناه بها ، ثم جاءنا بعد على عادته ، فسألته عن حكايتها ؟ ، فقال : لما رجعت إلى المسجد فقدت سكيناً كان معي في المحفظة ، فتفقدت نفسي ، وتفكرت فيما عملت حتى عوقبت في السكين ، فلم أجد إلا تلك الحديدة ، فرددتها إلى موضعها ، فوجدت السكين ، ومقامه أعلى من هذا ، واتفق أنه مرض في بيتي مرضاً شديداً - بحيث أيس من نفسه فيه - فدخلت عليه يوماً ، وولدي أحمد عنده ، وكان صغيراً ، فاسمعه يقول : يا ولدي أحمد ، سأقوم من هذا المرض وأتعافى ، ثم سمعته يقول : فيها البركة يا ولدي ، فقلت له : ما يقول لك ؟ وما معنى كلامه ؟ قال : فقلت له : كذا وكذا ، فقال لي - أشار بيده - أربع ، فتأولتها أربع سنين ، فكان كذلك ، مات في الأربعة بمكة ، رحمه الله ، وكان ليلة واقفاً يصلي فوق سطح المسجد ، وبإزائه نساء في عرس ، فضربوا الدفوف والمعازف والرباب ، وأنواع الطرب بحذائه ، بحيث لم يدر ما يصلي ، فنزل كما رأيته إلى أسفل البيت ، فلم يكن إلا قليلاً وطلع لمكانه ، وسكن ذاك اللعب واللهو ، فسالت عن سبب سكوتهم ، فقالوا : بينا نحن في ذلك الحال إذ وقعت عروسنا من الدرجة فعطبت رجلها ، فعلمت أن ذلك ببركة خاطره ، إذ كانوا على أنواع من المعاصي والملاهي ، نفعنا الله به وجمعنا وإياه في مستقر رحمته ، فقد انتفعنا بصلاحه ، وبخاطره ، وبخدمته ، وبولده من بعده ، يعني كما تقدم . وقال ابن صالح : الشيخ صالح الفقيه العالم العابد ، المنقطع إلى الحرمين ، سكن المدينة سنين في عشر الأربعين وسبعمائة ، وكان معه ابنه محمد مدة بها ، ثم سافر إلى المغرب ، وانتفع به الناس هناك ، وصار خطيباً ، وارتفع قدره عند السلاطين بدعاء والده وبركته ، واستمر الأب مقيماً بالمدينة على قدم العبادة والاجتهاد في

145

نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي    جلد : 1  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست