نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 111
أعوام ، وأقام في مدينة حيس عند القاضي ابن العزاف حتى مات ، وكانت وفاته في أول ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ، ودفن هناك ، رحمه الله ، وهو ممن ترجمه شيخنا في أنبائه . أحمد بن عبد الرحمن ، أبو العباس : الشاذلي الفاسي ، المغربي المالكي ، نزيل المدينة ، كان فقيهاً ، فاضلاً متفنناً ، إماماً في أصول الفقه ، مشاركاً في الأدب والعربية ، والحديث ، مستحضراً للفقه ، له شرح على الرسالة لابن أبي زيد ، بيض منه نصفه في ثلاثة أسفار كبار ، وباقيه في سفر واحد من المسودة ، وكذا شرح عمدة الأحكام ، شرحاً حسناً ، وعلق على التنقيح للقرافي تقييداً مفيداً ، وتحول إلى المدينة فقطنها ، وناب في قضائها ، وكان صدراً في العلماء ، ذا عفة ودين ، وصيانة ، ذكره ابن فرحون في طبقات المالكية ، ومات بها سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، وذكره عمه العفيف عبد الله في تاريخ المدينة ، فقال : أحمد أبو العباس المغربي الفقيه ، العالم الفاضل الأصولي الفروعي ، استنابه الشرف الأميوطي في فصل الخصومات ، بعد أحمد الفاسي الآتي ، وكان ورعاً عفيفاً ديناً فاضلاً في مذهبه ، إماماً في الأصول ، شرح الرسالة لابن أبي زيد شرحاً حفيلاً ممتعاً ، وعمدة الأحكام - فكان من أحسن ما وضع عليها - وتنقيح القرافي في أصول الفقه ، ولم يوضع عليه - فيما رأينا - أحسن منه ، وكل تآليفه مفيدة ، وتولى ورش غشاوة ، فلم يتناول من الحديقة - التي تفرق اليوم على الجماعة - شيئاً ، تورعاً ، بل كان يصرف نصيبه إلى الفقيه محمد التلمساني ، لكونه من طلبة المدرسة الشهابية ، ثم نقم عليه مستنيبه أشياء ، منها دخوله في قضية ابن مطرف في العهن ، فإنه أثبت له محضراً مشتملاً على أن بيع علي للعهن كان وهو في الحبس قهراً وغصباً ، وأن البيع بطال ، فلما أثبت الشاذلي المحضر لنافع بن علي بن مطرف ، توجه إلى رباط الفخر ، وأخذ جميع ما فيه من التمر ، فغضب القاضي ، ولم يخرج لصلاة الظهر ، بل ولم يأت يوم الجمعة إلا بكلفة ، بعد تدخل من نافع المذكور ، وذلك في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة فعزله ، واستناب الجمال المطري ، وكذا ذكره المجد في تاريخها ، فقال : كان إماماً عالماً بارعاً ، وفقيهاً فاضلاً بارعاً ، تبحر في الأصول والفروع ، وجمع بين المعقول والمشروع ، والمفهوم والمسموع ، مع الورع المتين ، والدين المكين ، وسلوك منهاج العلماء المتقين ، شرح رسالة ابن أبي زيد شرحاً بديعاً ، ممتعاً جامعاً ، وشرح عمدة الأحكام شرحاً على سائر شروحه فارعاً ، ووضع على تنقيح القرافي كتاباً ما عرفنا أحسن منه وضعاً ، وأمكن منه واضعاً ، على أن تآليفه كلها نجوم لوامع ، وتصانيفه جميعها بدور سواطع ، وللغرائب جوامع ، ومع ذلك ، نقم عليه القاضي شرف الدين ، لكونه أثبت محضراً لنافع بن مطرف ، يشتمل على أن العهن قد باعه صاحبه في الحبس مقهوراً ، مغصوباً ، مستضاماً ، فغضب القاضي غضباً لم يغضب مثله ، وترك الصلاة بالناس أياماً ، ولم يحضر يوم الجمعة ، إلا بعد
111
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 111