نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 101
الحاجب الأصليين ، وتصريف ابن مالك ولاميته ، والجمل للخويني ، وإيساغوجي ، والخزرجية ، ولسان الأدب لابن جماعة ، وخطبة المنهاج الفرعي ، وله الحاشية الجلية السنية على حل تراكيب ألفاظ الياسمينية في الجبر والمقابلة ، لخصه من شرحها لابن الهايم ، والتحفة في العربية في مجلد ، ونظم مختصر أبي شجاع ، والناسخ والمنسوخ للبارزي ، بل له منظومة في المنطق ، وأفراداً مثلثة ، وروي الصادي ، وعجالة الغادي - إلى غير ذلك ، وعرف بالزهد والعبادة ، ومزيد التقشف والإيثار والانعزال ، والإقبال على وظائف الخير ، وكونه - مع فقره جداً ، بحيث إنه لم يكن في بيته شيء يفرشه لا حصير ولا غيره ، بل ينام على باب هناك - كان يتصدق من خبزه بالمؤيدية ، إلى أن كان في موسم سنة سبع وخمسين ، فحج وزار النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة الشريفة ، وانقطع عنده بها ، فاتصل وعظم انتفاع أهلها به في العلم والإيثار وحفظوا من كراماته ، وبديع إشاراته ما يفوق الوصف ، وكان بينهم كلمة إجماع ، وبالغ هو في إكرامهم ، وفي وصفهم بخطه فيما يكتبه لهم ، كأنه لترجي إنصافهم بذلك ، وصار في غالب السنين يحج منها ، بل جاور بمكة في سنة إحدى وسبعين ، وكنت هناك ، فكثر اجتماعي به ، واستئناسي بمحادثته ، وأقبل - ولله الحمد - علي بكليته ، وسمعت من فوائده ومواعظه ، وكنت أبتهج برؤيته وسماع دعواته ، وكان على قدم عظيم من الإشغال بوظائف العبادة : صلاة وطوافاً ، ومشاهدة ، وتلاوة وإيثاراً ، وتقنعاً وتحرزاً في لفظه ، بل وغالب أحواله منعزلاً عن أهلها البتة ، وربما جلس في بعض مجالس الحديث بأطراف الحلقة ، وجاد له جماعة في الإقراء ، فما وافق ، بل امتنع من التحديث ، أدباً مع أبي الفرج المراغي - فيما قيل - والظاهر : أنه للأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا زال في ترق من الخير ، وأخباره ترد علينا بما يدل على ولايته ، حتى مات ، بعد أن ترك شهود الجماعة والجمعة ، فمما أخبرني الثقة أنه سمعه - وهو بمفرده في خلوته يقول - : يا عدو الله ، تتقايم للمحراب ؟ أو نحو هذا ، مما ظهر أنه سبب تخلفه عن شهود ذلك ، بل حكى لي أنه لما قتل الزكوي ، قال إنه لم يقتل حتى أفتى الأربعة بقتله ، وأخوه انحسر منه ، وما رأيت أحداً من المدنيين إلا ويحكي من كراماته ما لم يحكه الآخر ، ومما حكاه لي السيد السمهودي : قال : إنه سرقت له دراهم من خلوته ، وإنه يذكر أن بعض الجن أخذها فكنت أحب سؤاله عن ذلك ، ووقع ذلك في خاطري ، وأنا في الصلاة ، فلما سلمت ، سألته ، وقلت له : سمعت عنكم من الجن ؟ فقال : نعم هو من الذين يقولون لك بطول الصلاة : أول ما تسلم سله . ومنه : أنه كان يفرق ما يرد عليه من الفتوحات ، ولم يدفع لي في طول مدته ، من حين صحبتي له إلى سنة خمس وسبعين ، فلما رجعت فيها من الحج - وكانت والدتي معي - قل المصروف ، بعدما كنت مكفي المؤنة قبل ، فزرت واستمددت من النبي صلى الله عليه وسلم ثم توجهت إلى الشيخ برباط الأصبهاني للسلام عليه ، فوجدت الباب مقفلاً ، وامتنعت من طرقه تأدباً ، وقلت : ببركته
101
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 101