نام کتاب : الأئمة الإثني عشر نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 93
جوانب من سيرته عليه السلام إلا أنا نكتفي هنا بجانب من سيرته - عليه السلام - تتعلق بجملة محددة من الأمور : 1 - هيبته ومنزلته العظيمة : لقد كان - عليه السلام - مهابا جليلا بين الناس بشكل كبير ، حتى أن هذه المنزلة العظيمة جعلت الامراء والحكام يحسدونه عليها ، والتاريخ يذكر لنا على ذلك شواهد كثيرة ومتعددة ، ومن ذلك : لما حج هشام بن عبد الملك قبل أن يلي الخلافة اجتهد أن يستلم الحجر الأسود فلم يمكنه ذلك ، وجاء علي بن الحسين - عليهما السلام - فتوقف له الناس ، وتنحوا حتى استلم ، فقال جماعة لهشام : من هذا ؟ فقال : لا أعرفه ( مع أنه كان يعرفه أنه علي بن الحسين - عليه السلام - ) فسمعه الفرزدق ، فقال : لكني أعرفه ، هذا علي بن الحسين زين العابدين ، وأنشد هشاما قصيدته التي منها هذه الأبيات : هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا وليس قولك من هذا بضائره * العرب تعرف من أنكرت والعجم إلى آخر القصيدة التي حفظتها الأمة وشطرها جماعة من الشعراء . وقد ثقل ذلك على هشام فأمر بحبسه ، فحبسوه بين مكة والمدينة ، فقال معترضا على عمل هشام : أيحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوى منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينا له حولاء باد عيوبها فأخرجه من الحبس فوجه إليه علي بن الحسين - عليهما السلام - عشرة آلاف درهم وقال : اعذرنا يا أبا فراس ، فلو كان عندنا في هذا الوقت أكثر من هذا لوصلناك به فردها الفرزدق وقال : ما قلت ما كان إلا لله ، فقال له علي - عليه السلام - قد رأى الله مكانك فشكرك ، ولكنا أهل بيت إذا أنفذنا شيئا لم نرجع فيه وأقسم عليه فقبلها . 2 - زهده وعبادته ومواساته للفقراء : أما زهده وعبادته ومواساته للفقراء ، وخوفه من الله فغني عن البيان . فقد روي عنه - عليه السلام - أنه إذا توضأ اصفر لونه ، فيقال : ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء ؟ قال : أتدرون بين يدي من أريد أن أقف . ومن كلماته - عليه السلام - أن قوما عبدوا الله رياضة فتلك عبادة العبيد ، وأن قوما عبدوه رغبة فتلك عبادة التجار ، وأن قوما عبدوه شكرا فتلك عبادة الأحرار . وكان إذا أتاه سائل يقول له : مرحبا بمن يحمل زادي إلى الآخرة . وكان - عليه السلام - كثير الصدقات حريصا عليها ، وكان يوصل صدقاته ليلا دون أن يعلم به أحد ، وقد روي أنه - عليه اللام - كان يعول مائة عائلة من أهالي المدينة لا يدرون من يأتيهم بالصدقات ، ولما توفي - عليه السلام - أدركوا ذلك . وفي رواية : أنه - عليه السلام - كان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به ويقول : صدقة السر تطفئ غضب الرب . وفي رواية كان أهل المدينة يقولون : ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين - عليه السلام - [1] .