نام کتاب : الأئمة الإثني عشر نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 160
يلقب بالجواد والقانع والمرتضى والنجيب والتقي والزكي وغيرها من الألقاب الدالة على علو شأنه وارتفاع منزلته . أقول : لما توفي الرضا - عليه السلام - كان الإمام الجواد في المدينة وقام بأمر الإمامة بوصية من أبيه وله من العمر تسع أو عشر سنين ، وكان المأمون قد مارس معه نفس السياسة التي مارسها مع أبيه - عليه السلام - خلافا لأسلافه من العباسيين ، حيث إنهم كانوا يتعاملون مع أئمة أهل البيت بالقتل والسجن ، وكان ذلك يزيد في قلوب الناس حبا لأهل البيت وبغضا للخلفاء ، ولما شعر المأمون بذلك بدل ذلك الأسلوب بأسلوب آخر وهو استقدام أهل البيت من موطنهم إلى دار الخلافة لكي يشرف على حركاتهم وسكناتهم ، وقد استمرت هذه السياسة في حقهم إلى الإمام الحادي عشر كما ستعرف . وما كان من المأمون عندما استقدم الإمام إلى مركز الخلافة ، إلا أن شغف به لما رأى من فضله مع صغر سنه وبلوغه في العلم والحكمة والأدب وكمال العقل ما لم يساوه فيه أحد من مشايخ أهل الزمان ، فزوجه ابنته أم الفضل وحملها معه إلى المدينة ، وكان حريصا على اكرامه وتعظيمه واجلال قدره ، ونحن نكتفي في المقام بذكر أمرين : 1 - لما توفي الإمام الرضا - عليه السلام - وقدم المأمون بغداد اتفق أن المأمون خرج يوما يتصيد ، فاجتاز بطرف البلدة وصبيان يلعبون ومحمد الجواد واقف عندهم ، فلما أقبل المأمون فر الصبيان ووقف محمد الجواد ، وعمره آنذاك تسع سنين ، فلما اقترب منه الخليفة قال له : يا غلام ما منعك أن لا تفر كما فر أصحابك ؟ ! فقال له محمد الجواد مسرعا : يا أمير المؤمنين فر أصحابي فرقا والظن بك حسن أنه لا يفر منك من لا ذنب له ، ولم يكن بالطريق ضيق فأنتحي فأعجب المأمون كلامه وحسن صورته فقال له : ما اسمك يا غلام ؟ قال : محمد بن علي الرضا - عليه السلام - فترحم على أبيه [1] .