وهبيّة وكلاهما مغايران لعلم الحقّ . وبعبارة أخرى : شتّان بين علم كان فيضه تعالى لعبده ، وبين علم هو عين علمه تعالى في مرتبة لا يغاير العلم ذاته تعالى ، بخلاف الأول فإنه علم العبد كسبيّا كان أو وهبيا . وكيف كان ففي صورة اتصال علم العبد بعلم الربّ يكون العلم والعالم هو الله تعالى والعبد مظهر له ، وهكذا كعلم النبيّ صلَّى الله عليه وآله وعلم الأئمة عليهم السّلام وعلم فاطمة الزهراء سلام الله عليها فهم خزّان علم الله ، فعلم الله فيهم ظاهر . ومن هنا تعلم أنّ ما قاله صاحب البردة في مدح سيد المرسلين صلَّى الله عليه وآله ليس من باب المبالغات الشعرية والمجازات اللغوية وهو قوله رحمه الله : < شعر > فإنّ جودك ، الدنيا وخبرتها ومن علومك علم اللوح والقلم < / شعر > كيف لا وعلمه صلَّى الله عليه وآله علمه تعالى ، ومعلوم أنّ علوم اللوح والقلم من علمه تعالى ؟ واعلم أنّ درجة الوصول إلى الحقّ لا تتيسر إلا بقطع الحجب الظلمانيّة ثم النورانية كما قالوا عليهم السّلام : " الهي هب كمال الانقطاع إليك ، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور ، وتصل إلى معدن العظمة ، وتصير أرواحنا معلَّقة بعزّ قدسك " والوصول إلى معدن العظمة وصيرورة الروح معلَّقا بعزّ قدسه تعالى ، لا يكون إلا بعد خرق حجب النور فضلا عن حجب الظلمة كما لا يخفى ، وإلى هذه الحجب يشير ما في الحديث : " إنّ لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " ولعلّ المراد من عدد السبعين الكثرة ، كما لا يخفى أنّ استعمال هذا العدد شايع في كلام العرب لبيان الكثرة . تنبيه : قد ورد في الحديث ما مضمونه : أنّه سئل رسول الله صلَّى الله عليه وآله : أيّ البقاع