ويدل على ذلك عدة روايات : - منها : ما في المجلد الأول من البحار ( 1 ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : إذا مررتم في رياض الجنة فارتعوا ، قالوا : يا رسول الله وما رياض الجنة ؟ قال : حلق الذكر فإن لله سيارات من الملائكة يطلبون حلق الذكر ، فإذا أتوا عليهم حفوا بهم . انتهى . أقول : يستفاد من هذا الحديث الشريف ، والكلام اللطيف ، أمور : أحدها : كون مجالس الذكر من رياض الجنة وهذا إما من باب تسمية السبب باسم المسبب ، لكون الجلوس في تلك المجالس سببا لدخول الجنة . وإما من باب كون تلك المجالس جنة حقيقية ، بأن يكون المراد بالجنة دار القرب ، ومنازل الأبرار . ويؤيده التعليل بقوله ( صلى الله عليه وآله ) : فإن لله تعالى سيارات من الملائكة ( الخ ) . وبعبارة أخرى : الجنة محل ألطاف الله ، ودار كرامته فإذا كان العبد من أهلها فهو في الجنة في الدنيا ، وفي القبر ، وفي البرزخ وفي القيامة وما بعدها . - ويؤيد هذا المعنى أيضا ما ورد أن القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران إذ لا يخفى أن القبر الواقع في الأرض غير الجنة الموعودة ، الواقعة في السماء كما ورد في الأخبار ، ويمكن أن يكون المراد بالجنة : الجنة المعهودة ، ويكون التعبير بها عن حلق الذكر ، من باب الاستعارة ووجه الشباهة ما ذكرناه ، من كونها دار القرب ، ومحل الكرامة ، والله العالم . الأمر الثاني : مما يستفاد من الخبر الشريف استحباب اجتماع المؤمنين للذكر والدعاء ويشهد لذلك روايات : - منها : ما في أصول الكافي ( 2 ) بإسناده عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ما اجتمع ثلاثة من المؤمنين فصاعدا ، إلا حضر من الملائكة مثلهم ، فإن دعوا بخير أمنوا ، وإن استعاذوا من شر دعوا الله ليصرفه عنهم ، وإن سألوا حاجة تشفعوا إلى الله وسألوه قضاءها ، الخبر .