نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 319
ومع ذلك كله لا تجد فيه تناقضا واختلافا ، أو شيئا متباعدا عند العقل والعقلاء ، بل ينعطف آخره على أوله ، وترجع تفاصيله وفروعه إلى أصوله و عروقه ، إن مثل هذا الكتاب ، يقضي الشعور الحي في حقه أن المتكلم به ليس ممن يحكم فيه مرور الأيام ويتأثر بالظروف والأحوال ، فلا يكون إلا كلاما إلهيا ووحيا سماويا . ثم إن كلمة ( كثيرا ) وصف توضيحي لا احترازي ، والمعنى : لو كان من غير الله لوجدوا فيه اختلافا ، وكان ذلك الاختلاف كثيرا على حد الاختلاف الكثير الذي يوجد في كل ما هو من عند غير الله ، ولا تهدف الآية إلى أن المرتفع عن القرآن هو الاختلاف الكثير دون اليسير . ( 1 ) 2 . الإخبار عن الغيب إن في القرآن إخبارا عن شؤون البشر في مستقبل أدواره وأطواره ، وإخبارا بملاحم وفتن وأحداث ستقع في مستقبل الزمن ، وهذا الإخبار إن دل على شئ فإنما يدل على كون القرآن كتابا سماويا أوحاه سبحانه إلى أحد سفرائه الذين ارتضاهم من البشر ، لأنه أخبر عن حوادث كان التكهن والفراسة يقتضيان خلافها ، مع أنه صدق في جميع أخباره ، ولا يمكن حملها على ما يحدث بالمصادفة ، أو على كونها على غرار أخبار الكهنة والعرافين والمنجمين ، فإن دأبهم هو التعبير عن أحداث المستقبل برموز وكنايات حتى لا يظهر كذبهم عند التخلف ، وهذا بخلاف أخبار القرآن فإنه ينطق عن الأحداث بحماس ومنطق قاطع ، وإليك الأمثلة :