نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 35 صفحه : 80
غير المرئية للعقل ، ولا المطلوبة له . الثالث : عدم تسليم وجود حكم للعقل بوجوب حفظ النفس في مثل هذا المقام : لأن العقل إنما يدرك الكليات ، دون الأمور الخاصة ، فلو فرضنا أن إلقاء النفس إلى التهلكة كان أمرا قبيحا عند العقل ، فهو بمعناه الكلي أمر يدركه العقل العملي ، وبصورته المجردة عن أية ملاحظة أو غرض يتدارك به ذلك القبح . فلو ترتبت على الالقاء مصلحة ، أوجبت حسنة ، لم يكن للعقل أن يعارض ذلك ، بل لا بد له أن يوازن بين ما يراه من القبح وما فيه من الحسن . وبعبارة أخرى ليس ما يدركه العقل هنا وفي صورة المعارضة للأغراض ، واجب الإطاعة والاتباع ، وإنما المتبع هو الراجح من مصلحة الغرض أو مفسدة ما يراه العقل ، كالعكس فيما يدرك العقل حسنه ولكن الأغراض تبعده والشهوات تأباه ! والحاصل : أن درك العقل للحسن والقبح الذاتيين وإن كان مسلما ، إلا أن اتباعه ليس واجبا ، والعمل عليه ليس متعينا إذ أحرز الإنسان مصلحته في مخالفته ، بعادة أو عرف أو شرع . وإذا علمنا بأن الأئمة عليهم السلام إنما أقدموا على القتل وتحمل المصائب لأغراض لهم - وهي الوجوه التي عرضنا بعضها وسنعرض بعضها الآخر - فلا أثر لحكم العقل في موردهم بقبح الفعل ، ولا بوجوب حفظ النفس ، بل قد يحكم بوجوب الالقاء ، وحرمة المحافظة على النفس ، نظرا للأخطار العامة ، والكبرى المترتبة على حفظ النفس ، ولفوات الآثار المهمة بذلك . وهذان الأمران - الثاني والثالث - إنما طرحهما الشيخ المجلسي على أثر
80
نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 35 صفحه : 80