نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 35 صفحه : 50
فما كان منها واردا بالتفصيل التزم بعلمه له بالتفصيل ، وما كان واردا بالإجمال التزم بعلمه بالإجمال . وقد نفى المفيد في الفصل الثاني الاعتراض على علي عليه السلام ( بأنه ألقى بنفسه إلى التهلكة إذا كان عالما بوقت مقتله ) . بأنه عليه السلام على ذلك يكون مأمورا بتحمل ذلك والصبر عليه والاستسلام له ، لينال - بهذه الطاعة وهذا التسليم - المقامات الربانية العالية المعدة له ، والتي لا يبلغها إلا بذلك . فليس المفيد - رحمه الله - في رد هذا الاعتراض مخالفا لما التزمته الطائفة من ( علم الإمام بمقتله ، وإقدامه عليه بالاختيار ) وإن ادعى أن الآثار لم تنص على التفصيل ، بل على مجرد الاجمال . والتفصيل بتعيين الساعة والوقت ، وإن لم يذكر في الآثار ، إلا أن المعلوم من القرائن كون ذلك واضحا ومتوقعا للإمام عليه السلام . ويظهر من هذا أن مجئ الأثر بذلك - لو تم - لكان كافيا ، ووافيا للالتزام به ، وعدم حاجة ذلك إلى القطع به ، لما ذكرنا من أن ورود الأخبار - غير المعارضة ولا المنافية لأصل ثابت أو فرع مقبول - يكفي للالتزام في مثل هذه المواضيع ، التي هي بحاجة إلى مقنعات متعارفة ، دون حاجة إلى مثبتات قطعية ، أو حجج شرعية . والقول بأن الأئمة يعلمون الغيب بالإجمال دون التفصيل ، قول التزم به من الطائفة السيد المرتضى وآخرون ، وسنذكرهم أيضا . إلا أن المستفاد من مجموع كلام المفيد - والطوسي فيما سيأتي - أن الطائفة مجمعة على أن النبي والأئمة يعلمون الغيب - من الله وبوحيه وإلهامه - إما بالتفصيل أو بالإجمال ، وليس في الطائفة من ينكر علمهم هذا . فالقول بنفي علم الغيب عنهم ، مخالف لإجماع الطائفة ، كما أن الالتزام بعلمهم بالغيب بالاستقلال مناف لعقائد الطائفة ، ومعارض بآيات القرآن
50
نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 35 صفحه : 50