لأنه إحضار الصورة المبصرة أو انفعال البصر بها [1] ، وكذلك السماع فعل السمع لأنه إحضار الهيئة المسموعة أو انفعال السمع بها ، فلا يمكن شئ منهما إلا بانفعال جسماني فكل منهما فعل النفس بلا شك لأنها السميعة البصيرة بالحقيقة . [2] وأنت إذا كنت من أهل الكمال والمعرفة تقف على أن تعلق نور الوجود المنبسط على الماهيات بنور الأنوار وفنائه فيه ، أشد من تعلق قوى النفس وفنائها فيها ، لأن النفس ذات ماهية وحدود وهما تصححان الغيرية بينها وبين قواها ، ومع ذلك ترى النسبة حقيقة وأين هو عن الموجود المنزه عن التعين والحد ، المبرأ عن شوائب الكثرة والغيرية ، والتضاد والتباين الذي نقل عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قوله المعروف : " داخل في الأشياء لا بالممازجة ، خارج عنها لا بالمباينة " . [3] إيضاح : قد اتضح بما ذكرنا أن حقيقة الأمر بين الأمرين تلك الحقيقة الربانية التي جاءت في الذكر الحكيم بالتصريح تارة والتلويح
[1] إشارة إلى النظريتين المختلفتين في حقيقة الإبصار فهل الإبصار بخلاقية النفس أو بانطباع الصورة فيها . [2] الأسفار 6 / 377 . [3] وفي النهج ما يقرب منه : " لم يحلل في الأشياء فيقال هو كائن ، ولم ينأ عنها فيقال : هو منها بائن " . نهج البلاغة ، الخطبة 62 طبعة عبدة .