للبياض ، لا يصح وصفه بالأبيض إلا بعد انضمام أمر خارج عنه كالبياض إلى الجسم . إذا عرفت ذلك ، فاعلم أن السعادة والشقاء ليستا ذاتيتين بالمعنى الأول ، إذ ليستا جنسا ولا نوعا ولا فصلا للإنسان ، كما أنهما ليستا ذاتيتين من النوع الثاني ، لأن الذاتي بهذا المعنى ينتزع من صميم الشئ بدون ضم ضميمة إليه وليس فرض الإنسان وحده كافيا في انتزاع السعادة والشقاء عنه ما لم ينضم إليه شئ من العقيدة والعمل ، فالعقائد الصالحة والأعمال المرضية هي المصححة لانتزاع السعادة من الإنسان ، كما أن انضمام العقائد الفاسدة والأعمال الطالحة هما المصححان لانتزاع الشقاء . وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أنهما من الأمور التي يكتسبها الإنسان طيلة حياته ، سواء أرجعتا إلى الملكات الصالحة أو الخبيثة ، أو إلى الأعمال المنجية أو الموبقة .