سبحانه النابع عن مشيئته ، يعم الظالم والفاسق والزائغ قلبه ، لظلمهم وزيغهم وفسقهم المكتسبة ، فتصير هذه الحالات حجبا تمنع من نفوذ الهداية الإلهية الثانية ، ويصدق أنه سبحانه أضله وليس لحرمانه سبب إلا عمله وحاله . وعلى ضوء ذلك يكون المراد من الإضلال حرمانه من الهداية الثانية ، ولأجل ذلك يذكر سبحانه إضلاله بعد إرسال الرسل ، فكان إعراضه عنهم صار سببا لحرمانه من العناية الخاصة قال سبحانه : * ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ) * [1] يذكر إضلاله وهدايته بعد الإخبار عن إرساله للرسل ، فالآية تدل على أن الهداية والضلالة التابعة لمشيئته ترجع إلى الظروف التي تمت فيها الحجة على العبد بالهداية العامة ، وعند ذاك فمن استضاء بالهداية العامة عمته الهداية الثانية ، وإلا يحرم منها ويكون حرمانه إضلاله لا شيئا آخر . وعند ذاك تستطيع إرجاع جميع ما ورد حول الضلالة والهداية إلى معنى واحد من دون أن نتصور أي اختلاف في محتواها ، بل كل قسم من الآيات يشير إلى بعد من أبعاد الهداية