إن فخر الدين الرازي ( 543 - 606 ه ) ، مع كونه متعصبا في الذب عن مذهب الأشعري ، رجع إلى القول بالأمر بين الأمرين وقال : " هذه المسألة عجيبة ، فإن الناس كانوا مختلفين فيها أبدا بسبب أن ما يمكن الرجوع فيها إليها متعارضة ، فمعول الجبرية على أنه لا بد لترجيح الفعل على الترك من مرجح ليس من العبد ، ومعول القدرية على أن العبد لو لم يكن قادرا على فعل ، لما حسن المدح والذم والأمر والنهي " . ثم ذكر الله الطائفتين إلى أن قال : " الحق ما قال بعض أئمة الدين أنه لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين ، وذلك أن مبنى المبادئ القريبة لأفعال العباد على قدرته واختياره والمبادئ البعيدة على عجزه واضطراره ، فالإنسان مضطر في صوره مختار ، كالقلم في يد الكاتب ، والوتد في شق الحائط ، وفي كلام العقلاء قال الحائط للوتد : لم تشقني ؟ فقال : سل من يدقني . [1] اعتراف شيخ الأزهر بصحة هذه النظرية وممن اعترف بالأمر بين الأمرين شيخ الأزهر في وقته ،
[1] بحار الأنوار : 5 / 82 . ولا يخفى أنه مع اعترافه ببطلان الجبر والتفويض في ثنايا كلامه لم يفسر نظرية الأمر بين الأمرين تفسيرا لائقا بها .