تعلق علمه الأزلي بصدور الرعشة من المرتعش ، عالما بلا اختيار ، ولكن تعلق علمه سبحانه بصدور فعل الإنسان الاختياري منه بقيد الاختيار والحرية . فتعلق علمه بوجود الإنسان وكونه فاعلا مختارا ، وصدور فعله عنه اختيارا - فمثل هذا العلم - يؤكد الاختيار ويدفع الجبر عن ساحة الإنسان . وإن شئت قلت : إن العلة إذا كانت عالمة شاعرة ، ومريدة ومختارة كالإنسان ، فقد تعلق علمه بصدور أفعالها منها بتلك الخصوصيات وانصباغ فعلها بصبغة الاختيار والحرية . فلو صدر فعل الإنسان منه بهذه الكيفية لكان علمه مطابقا للواقع غير متخلف عنه ، وأما لو صدر فعله عنه في هذا المجال عن جبر واضطرار بلا علم وشعور ، أو بلا اختيار وإرادة ، فعند ذلك يتخلف علمه عن الواقع . ونقول توضيحا لذلك : إن الأعمال الصادرة من الإنسان على قسمين : قسم يصدر منه بلا شعور ولا إرادة ، كأعمال الجهاز الدموي ، والجهاز المعوي ، وجهاز القلب ، والأحشاء ، التي تتسم في أفعال الإنسان بسمة الأعمال الاضطرارية ، غير الاختيارية .