الإنسان وأخلاقياته ، وهذا أمر واضح لا يشوبه شك . وحصيلة البحث : أن ثمة عوامل كثيرة مؤثرة في تكوين شخصية الإنسان منذ تكون نطفته في الأرحام إلى أن يصبح إنسانا كاملا ، ولكن هذه الأسباب خيرها وشرها ليست على حد يسلب الاختيار عن الإنسان ويجعله مكتوف اليد أمامها ، بل كلها مقربات ومعدات لهما وفي مقابلها اختيار الإنسان وانتخابه وحريته في العمل . نعم من اجتمع له صفاء المراد وشموخ الأصلاب وعلوها وطهارة الأرحام والبيئات يجد في نفسه ميلا نحو العمل الصالح ، كما أن من اجتمع فيه خلافها ومقابلاتها يجد في نفسه ميلا نحو العمل الطالح ، ومع ذلك كله فليس كل إنسان ملجئا إلى ما يميل إليه ، فالعبد بعد باسط اليدين وهو مختار في فعله لدى العقلاء وإن اختلفت طينته . هذه هي العوامل التي تختلف بها الطينة تباعا ، فما ورد في المأثورات حول الطينة وخلقة الإنسان فما كان موافقا لما ذكرنا فيؤخذ به ، وأما المخالف لما ذكرنا الدالة على الجبر فلا بد من تأويله وتفسيره أو حمله على التقية ، فإن الأمر بين الأمرين من ضروريات مذهب الإمامية فلا يقدم عليه الخبر الواحد .